الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب أبي حنيفة في الزنا مقابل المال

السؤال

رأي أبي حنيفة أنه لا يعد زنا إلا ما كان مطارفة؟ وأما ما كان مقابل مال فليس زنا، وهذا موجود بالنص في كتاب المحلى، وليس كما يردد البعض أن أبا حنيفة يعتبره زنا، ولكن لاحد فيه، لأن كلام أبي حنيفة واضح أنه ليس زنا، وهو إمام أهل السنة ونتبع مذهبه، فهل لو فعلت الزنا مقابل المال أكون آثما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بقولهم إنّ أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ لا يعد هذا الفعل زنا: أنّه لا يراه من الزنا الذي يوجب الحد، لحصول الشبهة بالأجرة، أمّا أن يكون مراده أنّه مباح غير محرم، فهذا باطل صراح، لا يقول به أحد من المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 67924.

وعلى فرض أن أحداً قال هذا القول المنكر، فهل يحتج بقوله، ويستباح به الزنا الذي هو من المحرمات القطعية المعلومة من الشرع بالضرورة؟ ويكفي لبيان ذلك قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.

وهل يشك مسلم في تحريم هذا الأمر؟ وهل يرضاه لأهله ومحارمه؟ فاتق الله، وقف عند حدوده، واحذر من الاجتراء على حرماته.

واعلم أنّ الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في روضة المحبين: فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم، فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. اهـ

وإذا كنت قادراً على الزواج فبادر به، وإلا فاصبر واستعفف، ومما يعينك على ذلك كثرة الصوم مع حفظ السمع والبصر، والحرص على مصاحبة الصالحين، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة. وراجع الفتوى رقم: 23231.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني