الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما دلالة حصول البلاء في الأمر الذي تم بعد استخارة؟

السؤال

ما سأقوله ليس فيه أي شيء من السخط، بل ما أريده فقط هو مجرد تفسير للحدث:
السؤال الأول: هل الاستخارة في أمر توقف البلاء فيه، فالإنسان إذا استخار في أمر وسهل له بعد استخارته، وفي نفس الوقت أصابه أذى في الأمر الذي استخار فيه، وليس هناك أي تفسير لما حدث، إلا أن الاستخارة في أمر بعينه لا تمنع الابتلاء فيه، فما تعقيبكم؟
السؤال الثاني: أذكرك بأنه ليس هناك أدنى سخط، ولكن تفسير فقط، إنسانة تدعو بأن تتزوج عندما كان عمرها 17 سنة، وتركت جميع المحرمات، وفعلت جميع الواجبات، وتلح في الدعاء في كل وقت، وقد وصل عمرها 37 سنة، وهي مازالت تدعو بنفس الأمر، ولم يتقدم لها أحد، فما تفسير ذلك في ضوء النصوص الشرعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المستخير يسأل الله أن يختار له، فلو استخار العبد محصلاً شروط الإجابة، فلن يقع إلا ما فيه خيره وصلاحه وعافيته، ولو لم يكن ذلك على وفق مراد نفسه، فإن محبة الإنسان للشيء لا تدل بالضرورة على صلاحيته، فلربما كانت مصلحة الإنسان في ما يكره، ولكنه لا يدري، لأنه لم يطلع على الغيب، كما قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}. وقال سبحانه: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

وفي هذه الحال ينبغي للمؤمن أن يصبر ويرضى بأمر الله تعالى، وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني..

وقد يستخير البعض وهو متلبس بمانع من موانع الإجابة كالدعاء حال غفلة القلب، أو الدعاء مع الشك في الإجابة غير موقن بها، أو غير ذلك من الموانع التي قد يتلبس بها الداعي فلا يستجاب له، وعلى المؤمن أن يوقن بأهمية الدعاء فمن فتح له باب الدعاء فهو على خير ـ إن شاء الله تعالى ـ فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء، فإن الإجابة معه ـ كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله. اهـ.

وقال ابن القيم في الفوائد: إذا كان كل خير أصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد, فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه. اهـ.

وأما الشطر الثاني: فيقال فيه ما يقال في الشطر الأول منه، فالاستخارة من الدعاء، وقد أجبنا على هذا في سؤالك السابق رقم: 2658569، وقد أرسل إليك بالبريد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني