الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الجبر والقدرية وبيان ضلالهما، والتحذير من المصلحات المحدثة

السؤال

هل يصح أن يكون المسلم جبريا في المصائب والأرزاق، قدريا في الطاعة والمعصية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يصح للمسلم ولا يجوز له أن يكون جبريا ولا قدريا في كل حال، فإن بدعتي الجبرية والقدرية من العقائد الباطلة التي سبق بيانها في الفتاوى التالية أرقامها وغيرها: 61976، 9192، 153849.

ومعنى بدعة الجبر هو الاعتقاد أن الإنسان مجبر على ما يفعله، محكوم به عليه ولا إرادة له ولا اختيار.

ومعنى بدعة القدرية هو نفي القدر وإنكاره.

وكلا العقيدتين ضلال مبين وتكذيب لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والواجب على المسلم هو الإيمان بالقدر خيره وشره على وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو عقيدة أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان من أئمة الدين.

والذي ينبغي للمسلم فعله في حال المصائب وطلب الرزق هو الصبر على أقدار الله وعدم التسخط عليها في الضراء، والشكر لله ورد الفضل إليه في حال السراء، وبذل الجهد في إحسان العمل في باب الطاعة باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والإخلاص لله في العبادة، وترك المعاصي والتوبة منها على الدوام، والاستعانة بالله على ذلك كله.

كما أننا نوجه السائل وفقه الله إلى الحرص على الألفاظ الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة قدر الإمكان، والحذر من المصطلحات التي حدثت بعد ذلك، فلا تستخدم إلا مع توضيح المراد منها إذا كانت تحتمل أكثر من معنى وبعضها محرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها: فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره، ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها، أو بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة، ومعان مشتبهة.

وقال رحمه الله: وسلف الأمة وأئمتها ينكرون هذه الإطلاقات كلها، لا سيما كل واحد من طرفي النفي والإثبات على باطل وإن كان فيه حق أيضا، بل الواجب إطلاق العبارات الحسنة وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص، والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة، وكذلك الواجب نظير ذلك في سائر أبواب أصول الدين أن يجعل ما يثبت بكلام الله عز وجل ورسوله وإجماع سلف الأمة هي النص المحكم، وتجعل العبارات المحدثة المتقابلة بالنفي والإثبات المشتملة في كل من الطرفين في حق وباطل من باب المجمل المشتبه المحتاج إلى تفصيل الممنوع من إطلاق طرفيه، وقد كتبنا في غير هذا الموضع ما قاله الأوزاعي وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم من الأئمة من كراهة إطلاق الجبر، ومن منع إطلاق نفيه أيضا.

وينظر للفائدة الفتوى رقم: 135019.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني