الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام التسمية بكل اسم معبد لغير الله

السؤال

هل يكفر من سمى ولده باسم فيه تعبيد لغير الله تعالى؟ وهل يكفر من سمي بذلك إن لم يغير اسمه؟ وكيف يناديه الآخرون؟ وهل باسمه؟ أم ينادونه باسم آخر؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه تحرم التسمية بكل اسم معبد لغير الله تعالى، ولكنه لا يكفر به، لأنهم لا يقصدون به في الغالب تأليه غير الله تعالى؛ وإنما يقصدون أنه يخدمه، وقد صرح العلماء بالتحريم ولم يذكروا كفر المسمي بذلك الاسم، قال البهوتي في كشاف القناع: قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله؛ كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك. اهـ.

وقال المليباري في فتح المعين: ويحرم التسمية بملك الملوك، وقاضي القضاة، وحاكم الحكام، وكذا عبد النبي. اهـ.

وجاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين: هل يلزم من يعتنق الإسلام، أن يغير اسمه القديم إلى اسم إسلامي جديد؟ فأجاب بقوله: لا يلزم ذلك، إلا إذا كان الاسم مما لا يجوز إقراره شرعًا، كالاسم المعبد لغير الله، ونحوه، فإنه يلزم تغييره، وكذلك لو كان الاسم خاصًّا بالكفار لا يتسمى به غيرهم، فيجب تغييره أيضًا، لئلا يكون متشبًها بالكفار، ولئلا يحنّ إلى هذا الاسم الكافر الذي يختص بالكافرين، أو يتهم بأنه لم يسلم بعد. انتهى.

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد: وقد أجمع العلماء على تحريم التسمية بعبد النبي، وعبد الرسول، وعبد المسيح، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد الكعبة. اهـ.

ولا يلزم الآخرين تغيير الاسم ولا يكفرون بذلك، لأن تسميتهم بذلك من باب الإخبار لا من باب الإنشاء، فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير اسم جديه عبد المطلب وعبد مناف، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ـ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا: اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا... الحديث.

ورويا في صحيحيهما عن البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: لا والله ما ولى النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني يوم حنين ـ ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.

وقد نطق النبي صلى الله عليه وسلم، ببعض أسماء من كان في اسمهم تعبيد لغير الله تعالى، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن. رواه مسلم.

وقال ابن القيم: وقوله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب ـ فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني