الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز الدعاء على الكفار والأولى الدعاء لهم بالهداية

السؤال

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء ـ وأيضا بعدما آذاه الكفار قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ـ وعندما قال له اليهود السام عليكم قال وعليكم، ونهى عائشة عن قول آخر قالته، والأهم من هذا كله أنه قيل له يا رسول الله ادع على المشركين، فقال: إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة ـ فكيف بعد هذا يقول: وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ؟ فهل لعنهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان قد لعنهم، فكيف لا يتعارض هذا مع الأحاديث أعلاه؟ وسؤالي لا يشمل الكفار المعادين للإسلام كالأحزاب وكفار قريش وغيرهم، وإنما الدعاء على عموم الكافرين ولعنهم، أليس من الأولى أن ندعوا لهم بالهداية ما لم يحاربونا؟ ولماذا يدعى على المنابر على الكافرين ولعنهم بصفة عمومية، مع أن هذا يسبب نفورهم من الدين أساسا؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالدعاء على الكفار عموما جائز، وقد قال العيني في قول النبي صلى الله عليه وسلم: وانقل حماها إلى الجحفة ـ وفيه الدعاء على الكفار بالأمراض والبليات. انتهى.

وكذا لعن الكفار بالعموم، فإنه جائز، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فَصْلٌ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ لَعْنِ الْكُفَّارِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ ومن بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ، يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي الْقُنُوتِ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا الْكَافِرُ الْمُعَيَّنُ، فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُلْعَنُ، لِأَنَّا لا ندري بما يختم الله له... إلخ، انتهى

فإذا علمت هذا فإن تلك النصوص لا تعارض بحمد الله ما ثبت في السنة من الدعاء للكفار بالهداية، فإن اللعن إنما يصيب من علم الله أنه لا يهتدي منهم، ولا تعارض كذلك حديث: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ـ ونحوه، لأن المقصود أن المؤمن لا يلعن من لا يستحق اللعن، وأما من كان مستحقا للعن فلا إثم في لعنه، نعم قد يقال إن الأولى الدعاء لهم بالهداية, قال الدكتور موسى شاهين في فتح المنعم شرح صحيح مسلم: أما لعن الكافر المعين فالراجح أنه ممنوع خصوصا لو تأذى به المسلم، وأما غير المعين فجائز... والأولى الدعاء لهم بالهداية والإسلام بدل اللعن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني