الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الأم التي أهملت ابنتها ولم تقم بما يجب عليها تجاهها

السؤال

أعيش في أوروبا، ومتزوج من سيدة أوروبية من أصل تركي، وعندما ولدت زوجتي أرسلتها أمها وأبوها وهي في عمر ثلاثة أشهر إلى إحدى قريباتها في تركيا؛ لتقوم بتربيتها ورعايتها؛ لأنها لا ترغب في تحمل هذه المسؤولية اجتماعيًّا، وتربويًّا، وماليًّا، وتركتها هناك حتى سن 13 دون أي زيارة، أو اتصال، وبعد ذلك عادت الفتاة إلى أوروبا إلى أمها، وكانت الأم قد انفصلت عن زوجها بسبب إدمانه على الخمر، والنصب على الناس في عمله، فقامت الأم بإساءة معاملة ابنتها بشكل كبير، حيث كانت تتركها لفترات طويلة بلا طعام؛ وذلك لانشغالها باللهو مع أصدقائها، كما أنها لم تكن تستجيب لطلبات المدرسة بحضور ولي الأمر إلى المدرسة، وهناك الكثير من المواقف المسيئة؛ مما اضطر زوجتي للهرب من بيت أمها وهي في سن 17، وشق طريقها في الحياة بمفردها، وانعدمت أي مشاعر بالود أو الاحترام، فطلبت منها عدة مرات الاتصال والاطمئنان على الأم، ولكنها تجد ذلك أمرًا صعبًا وشاقًّا جدًّا، وترفضه، فهل هذا النوع من الأمهات المستهترات يجب بره؟ مع العلم أن زوجتي على اتصال دائم، وتزاور ومحبة كبيرة مع السيدة التي ربتها في صغرها، وتتعامل معها بكل بر وإحسان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب على زوجتك برّ أمّها، ولا يجوز لها أن تهجرها بالكلية، مهما كان حالها، فإن الوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، بل ويجاهدانه على ذلك، لا تجوز مقاطعتهما، بل أمر الله بمصاحبتهما بالمعروف، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14ـ15}.

وبرّ الأمّ آكد من برّ الأب، فإنّ للأمّ ثلاثة أرباع البر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. متفق عليه.

فبين ذلك لزوجتك، ومرها أن تجاهد نفسها، وتصل أمها، وتحسن إليها؛ طاعة لربها، وطلبًا لمرضاته، وخوفًا من عقابه وسخطه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني