الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اللجوء للمحاكم عند الاختلاف في مقدار دية القتل الخطأ

السؤال

منذ 5 شهور حدث لنا حادث سيارة أنا وزوجي بسبب وجود حفرة في الطريق في طريق سريع, وقد حاول زوجي تفاديها، مما أدى إلى تخطي السيارة الطريق ودخولها الطريق المعاكس واصطدامها بسيارة أخرى فيها سائق وبنت، وقد توفيا ـ رحمة الله عليهما ـ وأصبنا إصابات بالغة، وخضعنا لعمليات تركيب شرايح ومسامير, وحبس زوجي بعد العمليات بأقل من أسبوع ولم يكمل علاجه, وقد حاولنا الصلح مع أهل البنت وأهل السائق, وبعد فترة وافق أهل السائق على الصلح, ولكن أهل البنت رفضوا، وحكم على زوجي بسنة, وبعدها حاولنا دفع الدية لأهل السائق، وعرضنا عليهم 100 ألف جنيه مصري مع علمنا أنه لا يفيد في القضية وفي الحكم في شيئا، ولكننا كنا نريد فعلها طاعة لله, ولكنهم رفضوا المبلغ، ولا يريدون أقل من 350 ألف جنيه مصري, فحاولنا جمع المال من أهل زوجي فما استطعنا إلا جمع 50 ألفا مع 100 ألف السابقة، ولكنهم حتى الآن يرفضون المبلغ, ولا يوجد أمامنا إلا أن نلجأ جميعا للحكم القضائي في المبلغ، وسوف يكون في حدود 150 إلى 200 ألف، فهل يجوز لنا اللجوء للقضاء في المبلغ؟ وماذا يجب علينا فعله؟ فزوجي محبوس، ولا يعمل الآن، ولا يستطيع أن يحصل على راتب شهري لسداد كل المبلغ المعروض منهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدية في قتل الخطأ وشبه العمد لا تكون من مال الجاني، وإنما هي على عاقلته، جاء في الموسوعة الفقهية: الأصل أن الدية إذا كان موجبها الفعل الخطأ أو شبه العمد، ولم تكن أقل من الثلث تتحملها العاقلة... ويشترك مع العاقلة في تحمل دية الخطأ الجاني نفسه عند الحنفية والمالكية، خلافا للشافعية ومن معهم، حيث قالوا: ليس على الجاني المخطئ شيء من الدية. اهـ.
وفي حال عجز العاقلة أو عدم وجودها، فإنها تجب في بيت مال المسلمين، فإن عدم بيت المال أو لم يكن منضبطا، فقد اختلف أهل العلم في لزوم الدية في مال الجاني نفسه، والمذهب عند الحنابلة ـ خلافا للجمهور ـ أنها تسقط عنه، ثم إن الدية في قتل الخطأ لا تكون معجلة على العاقلة، بل مقسطة على ثلاث سنين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 356956.
وعجز الجاني وعاقلته عن إكمال مبلغ الدية لا يسوغ حبسه! فإن حبس في ذلك ولم يكن هناك سبيل إلى إطلاقه إلا باللجوء للمحاكم المدنية في تقدير مبلغ التعويض ـ الدية ـ فلا بأس بذلك، دفعا لضرر الحبس، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 314575، ورقم: 125747.

ولكن يبقى مبلغ الدية كاملا حقا لأهل المجني عليه، على عاقلة الجاني، بحسب التفصيل السابق، هذا مع التنبيه على أن مقدار الدية بعملة كل بلد يختلف بحسب اختلاف سعر العملة، وقيمة الإبل أو الذهب والفضة في كل بلد، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14696.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني