الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الرد على خطيب الجمعة إذا أخطأ في التلاوة أو في حكم شرعي

السؤال

ما حكم تصحيح الخطأ للإمام في خطبة صلاة الجمعة، سواءً كان في آيةٍ، أو في غيرها، فقد أخطأ الإمام فقرأ قول الله -تعالى-: (وعلى كلِّ ضامرٍ يأتين من كلِّ فجٍّ عميق)، ونطق (ضامر) بالدَّال وليس بالضَّاد.
وكذلك أتى بقولٍ غريبٍ، لم أسمعه من قبل، أو أعلم أحدًا قال به، وهو أنَّ تكرار الحجِّ لا يفيد صاحبه إلَّا بثواب الحجَّة الأولى فقط دون غيرها. فهل قال أحدٌ بذلك؟!
وهل يجب تصحيح الخطأ له أثناء الخطبة أم ماذا؟ وهل ما فعله ذلك الإمام تبطل به الصَّلاة، أم إنَّ صلاتي صحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور, وسيكون الجواب في النقاط التالية:

1ـ ما ذكره الخطيب المذكور من كون تكرار الحج لا ثواب فيه باستثناء الحجة الأولى، لم نقف على من قال به من أهل العلم, بل إنه مخالف لبعض النصوص الصحيحة، الدالة على الترغيب في الإكثار من الحج, فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة. رواه الترمذي, والنسائي وصححه الشيخ الألباني.
وقد تكلم أهل العلم على نافلة الحج, وجعلوها أفضل من الصدقة في بعض الحالات.

ففي حاشية الروض المربع لابن قاسم: وفي الصحيح عن عائشة قالت: نرى الجهاد أفضل العمل. يعني لما سمعت من فضائله، في الكتاب والسنة، فقالت: أفلا نجاهد؟ قال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور» وهذا الخبر حجة لمن فضل نفل الحج، على نفل الصدقة. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: والحج على الوجه المشروع، أفضل من الصدقة التي ليست واجبة.

وأما إن كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل، وكذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعا فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 122124. وهي بعنوان: "هل أجر الحجة الثانية يساوي أجر الحجة الأولى"

2ـ الخطيب إذا أخطأ في القرآن خطأ يترتب عليه تغيير المعنى (كما جاء في مثال السائل) وجب تصحيح هذا الخطأ فورا، كما يجب تنبيه هذا الخطيب على خطئه المتعلق بالحج؛ لما يترتب على عدم تصحيح هذا الخطأ من مخالفة الأمر النبوي الوارد في الحديث السابق. إضافة إلى حرمان السامعين من نافلة الحج.

ففي مجموع الفتاوى لابن عثيمين:

سئل فضيلة الشيخ: إذا أخطأ الخطيب في الخطبة. فهل يرد عليه المستمع؟

فأجاب فضيلته بقوله: إذا أخطأ الخطيب في خطبة الجمعة خطأ يغيّر المعنى في القرآن خاصة، فإن الواجب أن يرد عليه؛ لأنه لا يجوز أن يغيّر كلام الله عز وجل إلى ما يتغير به المعنى، فلا يجوز الإقرار عليه، فليرد على الخطيب.

أما إذا كان خطأ في كلامه، فكذلك يرد عليه مثل لو أراد الخطيب أن يقول: هذا حرام، فقال: هذا واجب، فيجب أن يرد عليه؛ لأنه لو بقي على ما قال: إنه واجب، لكان في ذلك إضلال الخلق، ولا يجوز أن يقر الخطيب على كلمة تكون سبباً في ضلال الخلق.

أما الخطأ المغتفر الذي لا يتغير به المعنى، فلا يجب عليه أن يرد، مثل لو رفع منصوباً، أو نصب مرفوعاً على وجه لا يتغير به المعنى، فإنه لا يجب أن يرد عليه، سواء كان ذلك في القرآن، أو في غير القرآن. انتهى.

3ـ إذا كان الخطيب المذكور قد جاء بأركان الخطبة, فصلاته صحيحة, وكذلك صلاة من خلفه, وقد بينّا أركان الخطبة في الفتوى رقم: 115949.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني