الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيه لمن يتشاءم ويظن أن الله سيسلب منه بعض النعم كما أعطاه بعضها

السؤال

تأتيني أفكار بأن عطايا الله جل وعلا لا تعطى هباء، فقد منَّ الله علي بأن جعلني من حفظة كتابه، إلا أنني دائما ما أتشاءم في كل شيء، وأقول بأن الله سيسلب مني شيئا، لأنه أنعم علي بنعمة عظيمة، فهل هذا صحيح؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى يعطي ما يشاء لمن يشاء، وقد يعطيه جزاء على عمل عمله العبد، وقد يتفضل عليه تكرما منه من دون مقابل، فقد قال تعالى: وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {البقرة:212}.

فلذا، ينبغي لك أن تدع التشاؤم، وأن تشكر الله تعالى، وتسأله من فضله أن يعطيك ما تطمح له مهما كانت عظمته، فبالشكر يزيد النعمة ويحفظها، كما قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم:7}.

وبالدعاء المصحوب بحسن الظن يعطيك ما تطمح له، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني.

وفي لفظ آخر: إذا سأل أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

وعليك أن تحسن الظن بالله تعالى، فإن من أحسن الظن به كان الله تعالى عند حسن ظنه، وقد قال تعالى في الحديث القدسي:... أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه .

والمعنى على ما قال في تحفة الأحوذي: أي أنا أعامله على حسب ظنه بي، وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر... اهـ.

واحرص على البعد عن الذنوب، فهي سبب السلب والحرمان، فقد قال ابن القيم في تعداد آثار الذنوب: ومنها: أنّ غيره من الناس والدوابّ يعود عليه شؤم ذنوبه، فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم، قال أبو هريرة: إنّ الحُبارى لَتموتُ في وَكْرها من ظلم الظالم، وقال مجاهد: إنّ البهائم تلعن عصاةَ بني آدم إذا اشتدت السَّنة، وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم، ومن آثار الذنوب والمعاصي: أنها تُحدِث في الأرض أنواعًا من الفساد في المياه، والهواء، والزروع، والثمار، والمساكن، قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الروم: 41} ومن تأثير معاصي الله في الأرض: ما يحِل بها من الخسف، والزلازل، ومَحْقِ بركتِها، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود، فمنعهم من دخول ديارهم، ومن شرب مياههم، ومن الاستقاء من آبارهم، حتى أمر أن يُعلَف العجينُ الذي عُجنَ بمائهم للنواضح، لتأثير شؤم المعصية في الماء، وكذلك شؤم تأثير الذنوب في نقص الثمار وما تُرمَى به من الآفات، وكثير من هذه الآفات أحدثها الله سبحانه بما أحدث العباد من الذنوب. اهـ بتصرف من الجواب الكافي.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني