الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة الوساوس على دين المرء إذا لم يعرض عنها ويتجاهلها

السؤال

ذهبت للحج هذا العام متمتعا، وكان كل شيء على ما يرام. حتى بدأنا رمي جمرة العقبة الكبرى، حيث وسوست أن إحدى الحصيات لم تأتي في الحوض؛ فأعدتها مرة أخرى. ولكن عندما عدت إلى الخيمة في منى، جاءني وسواس من نوع آخر أنني لم أرم الجمرات من أساسه، مع أني عددتهم في يدي. المهم قررت أن أعيد رمي جمرة العقبة الكبرى في اليوم الثاني مع الجمرات الثلاث، وفعلت.
رجعنا إلى مكة، وبدأنا نعد لطواف الإفاضة. الذي أعلم أنه ركن، وأثناء وجودي في الحمام، أتى رذاذ الشطاف عند اصطدامه بالعضو الذكرى من أعلى أثناء الاستنجاء من البول، على جسمي؛ فوسوست، ولكن قاومت، وقلت: هذا لم يمر على النجاسة، ومسحت جسمي بالماء وتوضأت، وذهبنا أنا وزوجتي (وفي داخلي عدم ارتياح، مع ورغبة في الإعادة من قبل أن نبدأ) وطفنا وسعينا، ولكن سعينا في الأدوار العليا؛ حيث إن القبو والدور الأرضي كان زحامهما شديدا، ولكني بعد ذلك قرأت أن هناك خلافا في مسألة التوسعة الجديدة في المسعى.
قررت أن نعيد الطواف وأن أسعى مرة أخرى، وبدأت المأساة وطفت ست مرات، وسعيت أربع مرات، أخراهن مع طواف الوداع، ولكني لم أحصل على الراحة النفسية كالتالي:
- في الطواف الثاني وأنا أعد الأشواط على أصابعي، وكنت أتأكد من كل شوط مع زوجتي، فقلت لها في الشوط السابع: لقد أنهينا، فقالت لي: أنا لم أعد معك في الآخر؛ فأصابني القلق، مع أني متأكد من العدد؛ فأخذت بما أعلمه، وخرجنا للسعي في القبو. وأثناء السعي جاءني وسواس في الشوط الرابع، رغم أني أعد على يدي، وأراجع موقفنا من حيث الصفا أو المروة؛ فأجدني عددت بشكل صحيح؛ فأكملت السعي وخرجنا ولكن الوسواس لا يريد أن يتركني.
-قررت أن أطوف وأسعى مرة أخرى، ولكن بدأت معي مأساة أخرى في الوضوء والاستنجاء، حيث وجدت نفسي أجلس في الحمام مدة طويلة أستنجي، وأعيد الوضوء، وأحس أنني لم أغسل وجهي، أو لم أمسح رأسي وأعيد، ثم إنني وأنا ذاهب من الفندق إلى الطواف، أحس بشيء في العضو الذكري، لكنه ينزل، فأرجع سريعا للفندق لأستنجي وأفتش في الملابس الداخلية؛ لأتأكد من عدم وجود أثر للبول، وهكذا كان يحدث لي في كل الأطواف التي فعلتها بعد الطواف الثاني.
-عندما بدأت أطوف للمرة الثالثة، أصابني وسواس من نوع آخر وهو وسواس بداية الشوط، وأظل أعيد في بداية الشوط عدة مرات حتى أطمئن أني مررت على الحجر الأسود، ثم يبدأ وسواس العد، مع أني أعد على يدي، ولا أثني أصابعي إلا عندما أدور شوطا كاملا، وأصل إلى الضوء الأخضر، ومع ذلك طفت هذا الطواف ثمانية أشواط للشك. ومع ذلك بعد صلاة السنة لم أسترح وأعدت مرة أخرى سبعة أشواط، مع محاولة مقاومة الشك الذي يكاد يقهرني، ثم سعيت ورجعت للفندق وحالتي النفسية سيئة جدا.
-قررت أن أطوف طواف الإفاضة مع الوداع حتى أكون في صحبة، ولا تتملكني الوساوس. وعندما بدأنا الطواف، فوجئت بزوجتي تجذبني للخلف؛ لأنها شكت في بداية الطواف، فرجعت معها وبدأنا الطواف. وبعد أن بدأنا وأكملنا نصف شوط، قالت لي إنها شاكة هل بدأنا من عند الحجر أم لا؟ وقلت لها أنا أتذكر أننا بدأنا قبل الحجر السود وأكملنا على هذا، ولكن بعد أن انصرفنا بدأ الشك يدخل إلى قلبي، وقررت أن أعيد الطواف مرة أخرى، ولكن كالعادة لم يتركني الشك والوسواس أستريح نفسيا، رغم محاولتي جاهدا التركيز الشديد، والعد على يدي عند كل شوط، لدرجة أني كنت لا أقول أي أذكار أو أدعية بسبب تركيزي في العد.
المهم أتممت الطواف بالوساوس، وذهبت إلى السعي وعملته أيضا مرتين نتيجة الوساوس، ثم غادرنا نفس اليوم فجرا. وعندما دخلت الحمام بعد عودتي إلى بلادي، وجدت نقطة صفراء في الملابس الداخلية، وشككت هل أنزلت في الطواف الأخير أم في حمامات المطار، حيث إني لم أستنج فيها جيدا، ورغم أني بعد كل طواف أفتش في ملابسي الداخلية عن النجاسة، إلا أني عندما أريد أن أتذكر هذه المرة لم أستطيع كالعادة لوجود الوساوس.
عندي حالة اكتئاب شديد، وأشك في تحللي من الإحرام، وأخاف أيضا؛ لأني أريد أن أعقد الزواج لابنتي.
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تسلط عليك الوسواس، وعلاج هذه الوساوس هو الإعراض عنها، وتجاهلها، وعدم الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتوى رقم: 51601.

واعلم أن حجك صحيح إن شاء الله، وطوافك الأول صحيح، وما فعلته بعده من الأطواف يعد نفلا تؤجر عليه -إن شاء الله- وسعيك صحيح، وكل مناسكك لا غبار عليها إن شاء الله، وطوافك للوداع صحيح.

وهذا الذي وجدته في ثيابك -إن كنت وجدت شيئا- يضاف إلى أقرب زمن يحتمل حصوله فيه، فدع عنك هذه الوساوس، ولا تفكر فيها، وسل الله القبول، وزوج ابنتك على خير -إن شاء الله- واطمئن قلبا، واهدأ نفسا، ولا تعر هذه الأفكار أي اهتمام، وإلا فستظل في هذا العناء، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني