الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بر الوالدين لا يعني تحكمهما في كل شؤون الولد أو التسلط عليه

السؤال

أبي وأمي مطلقان منذ زمن، وأبي رجل ظالم، وفيه شر، وأمي هي التي ربتني، والحق الوحيد الذي فعله أبي معي هو النفقة، وفي صغري كان أبي مصدر خوف، وكان يقسو عليّ، فإن لم أفعل هددني بالضرب، ومرة واحدة ضربني بأقوى ما عنده؛ لأن ثقتي بنفسي كانت عالية، وقلت له: أعتقد أنني رجل، وإلى هذا اليوم ثقتي بنفسي مهزوزة، وبسببه أصبحت خائفًا من مواجهة الناس، وهذا قد ترك آثارًا سلبية كثيرة عليّ، والآن يريد أن يتحكم فيّ، وعمري 26 سنة، وأنا أعلم أنه يجب عليّ بر أبي، لكن كيف؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك قد أساء إليك، أو قصّر في بعض حقوقك عليه، فهذا لا يسقط حقه عليك، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى رقم: 114460.

وعليه؛ فالواجب عليك أن تبرّ أباك، وتطيعه في المعروف.

وليس معنى بره وطاعته أن يصير متحكمًا في كل شؤونك، أو متسلطًا عليك في كل صغيرة وكبيرة، ولكن الطاعة تكون فيما ينفع الوالد، ولا يضر الولد في حدود الشرع، والعرف، وراجع حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 76303.

واعلم أنّ برّ الوالد من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.

وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله-: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ: خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ، مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ.

فاجتهد في برّ والديك، وتجاوز عما مضى، وتقرّب إلى الله بالإيمان والعمل الصالح، فهذا سبيل السعادة في الدنيا والآخرة، وهو الطريق إلى الشخصية السوية القوية، والنفس المطمئنة.

ولمزيد الفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني