الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رمي الأوراق المشتملة على كلمات في القرآن لكن لم تسق على أنها منه

السؤال

ما حكم رمي ورقة كُتب فيها اسم عبد الله، أو أم عبد الله؟ قال الله تعالى: "وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا" فذُكِر لفظ: عبد الله في هذه الآية، فهل رمي ورقة فيها اسم: عبد الله كرمي المصحف، أي أنه كفر -والعياذ بالله-؟ فالمقصود هنا ليست الآية بذاتها، بل اسم شخص من الأقارب مثلًا؟ وماذا عن ألفاظ مثل: الحياة الدنيا، أو الدار الآخرة... التي ذُكرت في القرآن؟ فلو كُتبت في ورقة، وليس القصد كتابة الآية، فما حكم رمي تلك الورقة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن اسم الله تعالى يجب احترامه على كل حال, سواء ورد في القرآن, أو في غيره, فإذا كان اسم شخص: عبد الله أو عبد الرحمن مكتوبًا في جريدة مثلًا, فلا يجوز رميها, وإن كان ذلك بقصد الامتهان لاسم الله تعالى, فإنه يعتبر كفرًا, وراجعي الفتوى رقم: 254500.

وفي مجموع فتاوى ابن باز: قرأنا فتوى لسماحتكم أنه لا يجوز امتهان الصحف والمجلات لوجود بعض الآيات والأحاديث النبوية فيها، وسؤالي- يا سماحة الشيخ- عن الرسائل التي تصل الإنسان من البريد، كيف أتصرف بالنسبة لها إذا كان مكتوب عليها اسم الله، فهل عبد الرحمن وعبد الله، أو البسملة داخل الرسالة، نرجو التكرم بالإجابة؟

ج: حكم الرسائل التي فيها ذكر الله، أو آيات من القرآن الكريم حكم الصحف التي فيها ذكر الله، أو بعض الآيات، لا يجوز امتهانها، بل الواجب حفظها في محل مناسب، أو إحراقها، أو دفنها في أرض طيبة؛ صيانة لأسماء الله سبحانه وكتابه عن الامتهان. والله ولي التوفيق.

وبخصوص الكلمات التي سألت عنها، أمثال: الحياة الدنيا، أو الدار الآخرة، ونحوها من الكلمات التي وردت في القرآن لكن لم تسق على أنها من القرآن, فهذه لا ينطبق عليها حكم القرآن, لكن لا يجوز امتهانها برميها في القمامة مثلًا، وقد أجابت اللجنة الدَّائمة للإفتاء عن مثل هذه الحالة بما يلي: إنَّ هؤلاء يأخذون كلمات من القرآن، والحديث، ولا يقصدون بذلك حكايتها على أنَّها قرآن، أو حديث؛ ولذلك لم يقولوا قال الله تعالى، ولا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإنَّما أخذوها، استحسانًا لها، ولمناسبتها ما قصدوا استعمالها فيه من جعلها في لافتة، أو استعمالها في الدَّعاية إلى ما كتب عليه، وبذلك خرجت في كتابتهم عن أن تكون قرآنًا أو حديثًا، ومثل هذا يُسمَّى: اقتباسًا، وهو عند علماء البديع: أخذ شيءٍ من القرآن أو الحديث على غير طريق الحكاية، ليجعل به الكلام نثرًا أو نظمًا؛ وعلى هذا لا يكون حكمه حكم القرآن من تحريم حمله أو مسِّه على غير المتطهر، أو تحريم النُّطق به على من كان جنبًا، ولكن لا يليق بالمسلم أن يقتبس شيئًا من القرآن أو الحديث للأغراض الدَّنيئة، أو يكتبه عنوانًا، أو دعايةً لصناعةٍ، أو مهنةٍ، أو عملٍ خسيسٍ؛ لما في نفس الاقتباس لذلك من الامتهان.

وأمَّا رمي الأوراق المكتوبة أو العلب أو الأواني المكتوب عليها في الأقذار ونحوها، أو استعمالها فيما فيه امتهان لها، فلا يجوز.

وإن كان المكتوب قرآنًا كان ذلك أشدُّ خطرًا.

وإن قصد برمي ما فيه القرآن امتهانه، أو كان مستهترًا بقذفه في القاذورات، أو باستعماله فيها، كان ذلك كفرًا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني