الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السرعة في قراءة القرآن بين الحرمة والجواز

السؤال

أنا أحد المعالجين من إصابات المس والسحر والحسد، وأستخدم منذ فترة طويلة العلاج بالقرآن المسرع، وهو فعال جدا في العلاج عند التسريع، وعند التسريع فإن الإنسان العادي لا يستطيع تمييز الكلام، لأنه ليس موجها له، ولكنه موجه للعوارض من الجن والشياطين، وقد حدثت مناقشات كثيرة وجدالات، والكل يعطي أمورا مختلفة، فهل يجوز تسريع القرآن لحرق العوارض من الشياطين أم لا؟ بالدليل من الكتاب والسنة.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يجوز الإسراع بالتلاوة إذا كان السامع له لا يستطيع تمييز الكلام، وإنما يجوز من التسريع ما لا يضيع بسببه شيء من أحكام التجويد، كما في القراءة بالحدر، والحدر: هو القراءة بسرعة لا يضيع معها المد والغنة ولا شيء من الحركات، كما قال الجزري في النشر في القراءات العشر: وأما الحدر: فهو مصدر من حدر ـ بالفتح يحدر بالضم ـ إذا أسرع فهو من الحدور الذي هو الهبوط، لأن الإسراع من لازمه بخلاف الصعود فهو عندهم عبارة عن إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز، ونحو ذلك مما صحت به الرواية، ووردت به القراءة مع إيثار الوصل، وإقامة الإعراب ومراعاة تقويم اللفظ، وتمكن الحروف، وهو عندهم ضد التحقيق، فالحدر يكون لتكثير الحسنات في القراءة، وحوز فضيلة التلاوة، وليحترز فيه عن بتر حروف المد، وذهاب صوت الغنة، واختلاس أكثر الحركات، وعن التفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة، ولا توصف بها التلاوة، ولا يخرج عن حد الترتيل، ففي صحيح البخاري أن رجلا جاء إلى ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة فقال: هذَّا كهذِّ الشعر ـ الحديث. اهـ.

وفي مجموع فتاوى ورسائل العلامة ابن العثيمين: ومن آداب قراءة القرآن: أن يرتل القرآن ترتيلا, لقوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا {المزمل: 4} فيقرأه بتمهل بدون سرعة، لأن ذلك أعون على تدبر معانيه وتقويم حروفه وألفاظه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه سئل عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: كانت مَدًّا, ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم, يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم ـ وسئلت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: كان يُقَطِّع قراءته آية، آية, بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ـ وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذُّوه هَذَّ الشعر, قفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب, ولا يكن هَمُّ أحدكم آخر السورة، ولا بأس بالسرعة التي ليس فيها إخلال باللفظ: بإسقاط بعض الحروف أو إدغام ما لا يصح إدغامه, فإن كان فيها إخلال باللفظ فهي حرام، لأنها تغيير للقرآن. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني