الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من عمل برنامج مستخدمًا إنترنت العمل

السؤال

أشكركم على هذا الموقع المتميز. أنا مهندس وكنت أعمل في شركة لتطوير برمجيات الحاسوب، وكانت الشركة توفر لي اشتراكًا في الهاتف المحمول، به عدد معين من الساعات، وعدد من جيجات الإنترنت، وكنت أعتبر هذا داخلًا في المكافآت؛ لذلك كنت أستغله لأغراضي الشخصية، وقبل أن أغادر الشركة بحوالي سنتين بدأت الاشتغال في غير وقت الدوام على برنامج خاص، وكنت أستعمل هذا الإنترنت لتحميل كل ما أحتاجه، وقبل أن أغادر الشركة حصلت على هاتف جديد من رئيسي في العمل، وقال لي: هذه مكافأة، وكنت أعلم أنه لم يعطني الهاتف حقيقة، بل أراد شيئًا آخر، خاصة وأنه أعطى الهاتف لكل المستخدمين إلا شخصًا واحدًا كانت له معه مشاكل، لكنني لم أستسغ هذا الاستغباء، فقررت أن آخذ الهاتف عند مغادرتي، وعندما غادرت الشركة قال لي المدير: أرجع الهاتف، فقلت له: إن فلانًا قد أعطاه لي، فقال لي: إنه لم يقصد ذلك، بل قصد شيئًا آخر، فقلت له: إذن، هذا لعب أطفال، وأحرجته، فأعطاني الهاتف، وأرجعت له الهاتف القديم، فقال لي: خذه هو أيضًا، وأنا الآن بعد مرور حوالي 10 شهور، ومع اقترابي من بدء بيع البرنامج بدأت تساورني الشكوك في كل ما حصل، فإذا افترضنا أنه لم يكن من حقي استعمال هذا الإنترنت، فما حكم هذا البرنامج الذي تعبت في العمل عليه؟ وما حكم الأرباح التي سأجنيها؟ وما حكم هذا الهاتف الذي أخذته بعد إحراج المدير؟ وإذا كان هذا الهاتف ليس من حقي، فما حكم البرنامج؟ علمًا أنني أستعمل هذا الهاتف لتحميل ما أحتاجه في تطوير البرنامج

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعلى أية حال، فالبرنامج الذي عملته هو لك وحدك، ولا حرج عليك في الانتفاع به، وبيعه، والتكسب منه، وغاية ما هنالك أن ما ذكرته من حال هذا الهاتف، وما كانت توفره لك شركتك من بيانات الإنترنت، لو ترتب عليه حق للشركة، فإما أن ترده إليهم، أو قيمته، وإما أن تستحلهم منه، ولكنهم لا يشاركونك في برنامجك على أية حال.

وأما بيانات الإنترنت المذكورة، فحكمها تبع لعقدك مع الشركة، أو العادة التي تعارفتم عليها في العمل بخصوص هذه البيانات: هل هي خاصة بعمل الشركة، أم يجوز لك استعمالها في أغراضك الشخصية؟ فإن كانت خاصة بعمل الشركة، فلم يكن لك أن تستعملها إلا في ذلك، فإن خالفت، فعليك أن تستحل من إدارة الشركة، فإن أحلوك، وإلا وجب عليك أن تبذل للشركة قيمة البيانات المستعملة في الأغراض الشخصية.

وأما الهاتف الجوال: فلم نستطع فهم حاله بشكل كامل.

وعلى أية حال؛ فإن كنت تعني بقولك: كنت أعلم أنه لم يعطني الهاتف حقيقة، بل أراد شيئًا آخر ـ أنه لم يهبه لك، ولم يملكك إياه، وإنما هو في معنى العارية، ما دمت تعمل معهم، فكان الواجب هو رده حين طلبه منك عند مغادرة العمل، وانظر الفتوى رقم: 102821.

وأما مسألة إعطائه إياك بعد ذلك بسبب إحراجك له: فإن كنت تعني أنه أعطاه لك حياء وخجلًا غير طيّب النفس به، ولولا الحياء وخوف المذمة لما أعطاك إياه، فإنه بذلك لم يحل لك، وكان يجب عليك رده، فإن أبقيته معك، فهو في حكم المغصوب، وانظر الفتوى رقم: 133268.

والغصب تجب التوبة منه، ورده إلى صاحبه، مع ضمان منافع المغصوب مدة الغصب بأجرة المثل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 330973، وما أحيل عليه فيها.

وإن كنت تعني شيئًا آخر، فلم نتبينه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني