الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زكاة القرض وزكاة المال الذي يشك في بلوغه النصاب

السؤال

تحديد نصاب الزكاة في تونس يتم من قبل المفتي مرة في السنة، ففي بداية محرم: 1438، كان النصاب هو 7925 دينارا، وفي بداية محرم 1439 كان النصاب هو 8620 دينارا، وقد نويت أن أخرج زكاة مالي في عاشوراء، وأنا أشك هل بلغ:8620 دينارا ـ في عاشوراء من العام الماضي أم لا؟ وهل أدخل الأموال التي أقرضتها لصديقي العام الماضي في حساب النصاب أم لا؟ وعند إخراج الزكاة هل أخرج الزكاة عن 8620 دينارا؟ أم عن 14000 دينار التي أملكها حاليا؟ وهل الأموال التي أقرضتها لزميلي أخرج عنها زكاة أم لا؟ وفي حالة الشك وعدم اليقين هل أخرج الزكاة في عاشوراء أم أتربص حتى أتأكد؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاعلم أولا أن الزكاة لا تجب عليك في مالك إلا إذا توافر شرطان: أولهما: بلوغ المال النصاب، وثانيهما أن يبقى عندك النصاب عاما هجريا كاملا، فإن حال الحول على النصاب، فعندها يجب عليك إخراج الزكاة، وإن نقص المال في أثناء الحول عن النصاب فلا زكاة فيه حتى يبلغ النصاب ويحول الحول عليه، ومعرفة مقدار النصاب في النقود سهل ميسور، ولا يتوقف على إصدار جهة معينة كدار الإفتاء أو غيرها، ويمكنك أن تعرف مقدار النصاب بالرجوع لأسعار الذهب والفضة، فإن النصاب في النقود هو ما يساوي: 85 جراما من الذهب ـ أو 595 جراما من الفضة، فانظر متى ملكت من النقود ما يبلغ أحد هذين المقدارين وأخرج الزكاة بناء على ذلك عند تمام الحول، وإن تعذر عليك العلم بكل حال، وبقيت شاكا فإنه لا تجب الزكاة مع الشك، لأن الأصل براءة الذمة وعدم الوجوب حتى يثبت ذلك، جاء في المغني: وَمَتَى شَكَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِكْيَالٌ يُقَدِّرُ بِهِ، فَالِاحْتِيَاطُ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ فَلَا حَرَجَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ. اهـ.

وجاء في الاختيار لتعليل المختار من كتب الحنفية: الْأَصْل عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي السَّبَبِ وَهُوَ النِّصَابُ، فَلَا تَجِبُ. اهـ.
والمال الذي أقرضته لأخيك أو صديقك هو مالك أنت تحسبه من جملة مال الزكاة، سواء كان الدَّين حالًّا أو مؤجلًا، فمن كان له دَين على الناس وجبت عليه زكاته، لأن إقراض المال للغير لا تزول به ملكيته له، قال صاحب إعانة الطالبين وهو من كتب الشافعية: فالزكاة في المال الذي أقرضه واجبة عليه، لأن ملكه لم يزل بالقرض رأسًا، لأنه بقي بدله في ذمة المقترض. اهـ.
إلا أن الأقساط التي لم تحل بعد هي في حكم الدَّين على المعسر، تزكيها إذا قبضتها عن كل السنين، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنابلة وهو الأظهر من قولي الشّافعيّة: إلى أنّ الدَّين المؤجّل بمنزلة الدَّين على المعسر، لأنّ صاحبه غير متمكّنٍ من قبضه في الحال، فيجب إخراج زكاته إذا قبضه عن جميع السّنوات السّابقة، ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة: أنّه يجب دفع زكاته عند الحول ولو لم يقبضه. اهـ.

وانظر المزيد في الفتوى رقم: 119194.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني