الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: إن شاء الله أو لم يشأ

السؤال

أثناء شجار دار بيني وبين والدي كنت أريد منه أن يفعل لي شيئا في شأن تعليمي، فقال لي إن شاء الله، فخرج مني لفظ لا أعلم هل هو كفر أم لا؟ حيث قلت له إن شاء أو لم يشأ بالعامية، واللفظ خرج من دون تفكير أو نية للكفر.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا اللفظ خطأ كبير مخالف لما يجب اعتقاده من الإيمان بعموم مشيئة الله تعالى، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا يقع في ملكه ما لا يريد، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير: 28ـ 29}.

وقال الجويني في لمع الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة والجماعة: وقد أجمع سلف الأمة وخلفها على كلمة لا يجحدها معتز إلى الإسلام وهي قولهم: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ـ والآيات الشاهدة لأهل الحق لا تحصى كثرة. اهـ.
ويقول ابن تيمية: ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها مع إيمانهم بالقضاء والقدر، وأن الله خالق كل شيء، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأن العباد لهم مشيئة وقدرة يفعلون بمشيئتهم وقدرتهم ما أقدرهم الله عليهم مع قولهم: إن العباد لا يشاؤون إلا أن يشاء الله.

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية: قوله: وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد، إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ـ وقال: وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ـ وقال تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ـ وقال تعالى: ولو شاء ربك ما فعلوه... إلى غير ذلك من الأدلة على أنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وكيف يكون في ملكه ما لا يشاء... اهـ.

وأما عن حصول الكفر بهذه الكلمة: فإنه يقع الكفر بها إذا قالها من اعتقد أن مخلوقا ما يمكن أن يأتي بما لم يشأه الله، ولا ينفعه دعوى عدم قصد الكفر، فقد قال شيخ الاسلام ـ رحمه الله ـ في الصارم المسلول: وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفْرٌ، كَفَرَ بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله..

ثم قال: والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب، كذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين، وإرادة التكذيب بالرسالة، كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية، وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه، كما لا ينفع من قال الكفر أن لا يقصد أن يكفر. اهـ.

وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 53835.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني