الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزيادة في التسبيح عن العدد المسنون خطأ

السؤال

لدي سبحة مصنوعة من أحجار صغيرة أستعملها دائما للتسبيح، وكنت أظن أن فيها 33 حجرا، فعددت الأحجار قبل قليل فوجدت فيها 45 حجرا، وكنت أسبّح فيها مع ظني أنني سأسبّح 33 مرة، فهل لي أجر 33 تسبيحة؟ أم أجر 45 تسبيحة؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزيادة على الذكر المشروع الوارد لا تضر ـ إن شاء الله ـ وخاصة إذا كانت مع الجهل أو الخطأ، ويرجى لمن أتى بها حصول أجر المسنون مع أجر الزائد، قال في المبدع: وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَدَدِ أَنْ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ: فَلَا تَضُرُّ شَيْئًا لَا سِيَّمَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، لِأَنَّ الذِّكْرَ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَهُوَ يُشْبِهُ الْمُقَدَّرَ فِي الزَّكَاةِ إِذَا زَادَ عَلَيْهِ. انتهى.

فتشبيه تلك الزيادة بزيادة من زاد على الصدقة الواجبة مشعر بأنه يثاب عليها كذلك، وهذا هو المأمول من فضل الله وواسع كرمه، وهذا في من أتى بالزيادة ناسيا أو مخطئا، وبه يعلم أنه يرجى حصول ثواب التسبيحات كلها لك، ما وافق المسنون وما زاد عليه.

ولمزيد الفائدة نقول، اختلف العلماء في من زاد على الذكر المحدود بحد هل يحصل له أجر ذلك الذكر أو لا يحصل؟ والمسنون بلا شك هو مراعاة العدد الوارد، ثم من أراد الزيادة بعد فليأت بزيادة مستقلة بعد نية امتثال الأمر الوارد، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ إِنَّ الْأَعْدَادَ الْوَارِدَةَ كَالذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ إِذَا رُتِّبَ عَلَيْهَا ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ فَزَادَ الْآتِي بِهَا عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الْأَعْدَادِ حِكْمَةٌ وَخَاصِّيَّةٌ تَفُوتُ بِمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الْعَدَدِ، قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي رُتِّبَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ، فَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ كَيْفَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ مُزِيلَةً لِذَلِكَ الثَّوَابِ بَعْدَ حُصُولِهِ ـ وَيُمْكِنُ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَيْهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ الْوَارِدِ ثُمَّ أَتَى بِالزِّيَادَةِ، فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ رُتِّبَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا فَرَتَّبَهُ هُوَ عَلَى مِائَةٍ، فَيَتَّجِهُ الْقَوْلُ الْمَاضِي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني