الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فصل الشخص من عمله دون سبب لا يبيح له الامتناع من سداد الدَّين

السؤال

كنت أعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحصلت على قرض من البنك، وتم إنهاء خدماتي من العمل، والقرض كبير، فإذا لم أسدده فهل يكون المال حرامًا؟ مع العلم أنه تم إنهاء خدماتي بدون أسباب، وهل لا بد من تسديد القرض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يحرم عليك الانتفاع بالمال قبل سداد الدَّين، وكونك فصلت من عملك دون عذر لا يبيح لك الامتناع من سداد ذلك الدين، ما لم تتول جهة أخرى سداده عنك، أو يبرئك البنك منه، لكن هنا تفصيل وهو:

أن هذا الدين إذا كان لبنك ربوي، فالواجب أولًا التوبة منه: بالندم عليه، والعزيمة ألا يعود إليه، والاستغفار منه، ويلزم سداد أصل الدين فحسب، ولا يلزم سداد فوائده الربوية، إلا إذا ألزم المرء بسدادها، ولم يسعه غير ذلك، فهو معذور حينئذ.

وأما لو كان الدين لبنك إسلامي، أخذه المرء عن طريق معاملة تورق، ونحوها، فعليه سداد جميعه -أصله وربحه-.

وفصل المرء من العمل دون عذر لا يسقط الدَّين، ولا يبرئ المدين منه.

وليحذر المرء كل الحذر من عاقبة التساهل في الديون، وتضييعها، وعدم سدادها، ولا سيما إذا كان ذلك عن تفريط، وسوء نية، فلو مات ستبقى نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه، كما في الحديث عند الترمذي، وغيره.

وأما من حال بينه وبين سداد الدَّين العجز فقط، مع حرصه على أدائها، وحسن نيته في ذلك، فيعينه الله على قضائها في الدنيا، ويقضيها عنه إذا مات؛ لحديث: من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها، أتلفه الله. رواه البخاري.

وفي المسند عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدعو الله بصاحب الدَّين يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه، فيقال: يا ابن آدم، فيم أخذت هذا الدين؟ وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول: يا رب، إنك تعلم أني أخذته فلم آكل، ولم أشرب، ولم ألبس، ولم أضيع، ولكن أتى على يدي: إما حرق، وإما سرق، وإما وضيعة، فيقول: الله عز وجل صدق عبدي، أنا أحق من قضى عنك اليوم، فيدعو الله بشيء، فيضعه في كفة ميزانه، فترجح حسناته على سيئاته، فيدخل الجنة بفضل رحمته.

فهذا المعنى المشار إليه في هذين الحديثين، وغيرهما مقيد لما في الحديث الذي في سنن الترمذي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني