الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة التراويح لمن عليه فوائت

السؤال

كنتم قد أفتيتموني سابقا بأنه علي قضاء بعض الصلوات احتياطا، وأنا الآن أقضي منها عددا معينا كل يوم ـ والحمد لله ـ فهل بإمكاني إذا دخل رمضان أن أصلي التراويح، لأنني لا أستطيع الصوم لأسباب صحية، وأخشى أن أخرج من رمضان خالي الوفاض بلا صوم ولا قيام؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاجتهد أخي السائل في المحافظة على صلاة التراويح، ولو لم تكن صائما في رضمان، فإن قيام رمضان سبب لمغفرة الذنوب، كما في الحديث: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وصلاة التراويح ليست مشروعة للصائمين فقط، بل للمفطر بسبب مرض أو سفر أن يصليها، وأيضا من عليه صلوات فائتة له أن يصلي التراويح ويقضي بعدها أو قبلها الفوائت، جاء في فتاوى ابن الصلاح: مسألة: رجل ينوي في صلاة التراويح قضاء الفوائت التي عليه، فهل يحصل له فضيلة قيام رمضان، لقوله صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ـ أم لا؟ وهل الأولى أن يصلي التراويح ثم يقضي في وقت آخر أولا؟ فأجاب ـ رحمه الله تعالى: لا يحصل له فضيلة قيام رمضان، وإنما يحصل له فضيلة أداء الفرائض، والأولى أن يصلي التراويح ويقضي عقيبها ما أراد أن يجعله من القضاء بدل التراويح. اهـ.

وجاء في فتاوى الرملي الشافعي: سُئِلَ عَمَّنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَوَائِتُ، وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يَشْتَغِلَ فِي رَمَضَانَ بِالنَّوَافِلِ كَالتَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَقْضِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ إلَّا بَعْدَ رَمَضَانَ، فَهَلْ يَأْثَمُ بِذَلِكَ، لِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى تَأْخِيرِ ذَلِكَ إلَى مَا قَالَ وَلَمْ يُسَارِعْ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ؟ وَهَلْ يَأْثَمُ الْقَائِلُ لَهُ اشْتَغِلْ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الشَّرِيفَةِ بِالنَّوَافِلِ كَالتَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ إلَى شَهْرِ شَوَّالٍ اقْضِ الْفَوَائِتَ الْمَذْكُورَةَ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ قَضَاءَهَا عَلَى الْفَوْرِ. اهـ.

ومن المهم أن تعلم أن العبد إذا مرض ولم يستطيع الصيام، فإنه يؤجر ـ إن شاء الله تعالى ـ ولا يخرج من الشهر خالي الوفاض، كما ظننت، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا، صَحِيحًا. رواه البخاري وأحمد.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ كَانَ يَعْمَل طَاعَة، فَمَنَعَ مِنْهَا، وَكَانَتْ نِيَّته لَوْلَا الْمَانِع أَنْ يَدُوم عَلَيْهَا. اهــ.
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فلذلك كل مرض من غير الزمانة، وكل آفة من سفر وغيره، يمنع من العمل الصالح المعتاد، فإن الله قد تفضل بإجراء أجره على من منع ذلك العمل بهذا الحديث. اهـ.

وفي شرح رياض الصالحين للشيخ العثيمين: فالمتمني للخير، الحريص عليه إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني