الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اليأس والقنوط بسبب النوم عن فريضة غلو وتنطع

السؤال

أنا شخص محافظ على صلاة الجماعة وصيام النوافل، ومنذ أكثر من سنة ونصف لم تفتني تكبيرة الإحرام بالمسجد، وقبل يومين نمت قبل الظهر بساعتين وفاتتني صلاة الظهر، وعندما استيقظت شعرت أنني خسرت كل شيء في حياتي، وأصبت بالجزع، والقنوط من رحمة الله، والتسخط على قضاء الله، ويئست من حياتي، وفتنت في ديني، ولم أعد أكلم أحداً، ويلقون علي السلام ولا أرد إلا بالإشارة، وكنت أؤم المصلين، وأصبحت أرفض الإمامة، وكنت أصل رحمي ولم أعد أصلهم، وقاطعت أهلي وكل الناس، وأصبحت أقول هذا عذاب من الله لي، وأصبحت أقول ليتني من الناس الذين يصلون فقط ولا يهتمون بأمر صلاة الجماعة، وقلت أيضاً ياليتني لم أنم تلك النومة، لأنني لو لم أنم لما ضاعت علي الصلاة، ولكن عبادتي المباشرة مع الله لم تتأثر، وأنا الآن أخشى على إيماني، لأنني أعلم أنه ضعيف ولا يصبر على الابتلاء، لذلك صرت أدعو على نفسي بالموت، فهل أنا كافر في هذه الحالة، لكوني أتسخط على قضاء الله؟ وهل هناك بأس إذا استمرت بي هذه الحالة من مقاطعة الناس ورفض الإمامة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهون عليك ـ أيها الأخ الكريم ـ ولا تحمل الأمور ما لا تحتمل، فالأمر أيسر من ذلك بكثير ـ والحمد لله ـ ورحمة الله تعالى قد وسعت كل شيء، وأنت غير آثم أصلا بما وقع، فإن النوم ليس فيه تفريط، والنائم مرفوع عنه القلم، وقد نام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى فاتتهم صلاة الصبح، ولم يفعلوا شيئا مما فعلته، وهم الأتقى لله والأورع، فكل ما تفعله إنما هو من كيد الشيطان لك، ومن مكره بك، ومن الغلو الذي أوقعك فيه بعدم قدرك الأمور قدرها، وإنزالها منزلها الذي أنزلها الله عز وجل، وهبك أذنبت وأخطأت فكان ماذا؟ إن رحمة الله تعالى قد وسعت كل شيء، وليس ثم ما يستدعي كل ما تفعله بنفسك.

فنصيحتنا لك هي أن تترك هذه الأفعال المنكرة التي تفعلها من ترك مخالطة الناس، وترك الإمامة في الصلاة، ومن اليأس والقنوط الذي استبد بك، فكل هذا من أحابيل الشيطان التي يصيدك بها، وعش حياتك بصورة طبيعية عالما أن الله لن يضيع أجرك، ولن يذهب ثواب عملك، ولن يؤاخذك بما لست مفرطا فيه.

واعلم أن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فإياك والغلو والتنطع، فإن الشيطان لا يبالي في أي أودية الشر هلك ابن آدم، واحمد الله على ما أكرمنا به من هذا الدين الحنيف الذي رفع عنا فيه الآصار والأغلال، واترك هذه الوساوس والتنطعات المهلكة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه هلك المتنطعون.

نسأل الله أن يهديك لمراشد أمرك ويبصرك ويسددك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني