الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتباس كلمات من القرآن واستعمالها في بعض المواقف

السؤال

جزاكم الله كل الخير، ونفع بكم، وأثابكم جنات النعيم.
سؤالي: هل يجوز الاستشهاد بنص القرآن الكريم في غير مكانه، كما في أحاديث العامة .... فعلى أن القرآن الكريم معجز في نصه ....
مثلا نقل نص حمداً لله تعالى على لسان أحد أنبيائه عليهم الصلاة والسلام .... كما في سورة يوسف: "وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ" فيقوله الرجل في كلامه مع تحويل في النص على أن يناسب كلامه وموقفه، دون أنا يشير إلى أنه من القرآن الكريم، كأن يقول الرجل: وقد أحسن بي ربي إذ أخرجني من تلك المدينة، وجاء بي من ذلك البلد"
أو أن يقول شخص لأصدقائه، طالبا منهم إرسال أحدهم ليشتري بعض المتاع : فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما. لله ولرسله المثل الأعلى، أم يعتبر هذا من قلة احترام القرآن الكريم ونصه؟
أرجو أن يكون السؤال واضحا في نصه، وأنا لكم من الشاكرين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الذي سألت عنه يسمى الاقتباس أو التضمين، وهو جائز حسن إن كان في مثل ما يستعمل له القرآن من الوعظ ونحوه، وأما استعماله على غير تلك الجهة فغير مشروع.

قال ابن مفلح في الآداب: [فَصْلٌ فِي الِاقْتِبَاسِ بِتَضْمِينِ بَعْضٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ] سُئِلَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ وَضْعِ كَلِمَاتٍ وَآيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي آخِرِ فُصُولِ خُطْبَةٍ وَعْظِيَّةٍ؟ فَقَالَ: تَضْمِينُ الْقُرْآنِ لِمَقَاصِدَ تُضَاهِي مَقْصُودَ الْقُرْآنِ، لَا بَأْسَ بِهِ تَحْسِينًا لِلْكَلَامِ، كَمَا يُضَمَّنُ فِي الرَّسَائِلِ إلَى الْمُشْرِكِينَ آيَاتٌ تَقْتَضِي الدِّعَايَةَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا تَضْمِينُ كَلَامٍ فَاسِدٍ فَلَا يَجُوزُ كَكُتُبِ الْمُبْتَدِعَةِ، وَقَدْ أَنْشَدُوا فِي الشِّعْرِ:

وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ... وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَا

وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَى الشَّاعِرِ ذَلِكَ لِمَا قَصَدَ مَدْحَ الشَّرْعِ وَتَعْظِيمَ شَأْنِ أَهْلِهِ، وَكَانَ تَضْمِينُ الْقُرْآنِ فِي الشَّعْرِ سَائِغًا لِصِحَّةِ الْقَصْدِ وَسَلَامَةِ الْوَضْعِ. انتهى.

وبه تعلم حكم الاستعمالات المذكورة، وأن من أراد بها معنى حسنا كشكر الله تعالى على نعمته ونحو ذلك، فلا بأس، ومن أراد بها غير ذلك، فلا يشرع، وقد ناقشنا هذه المسألة في فتاوى كثيرة، وبينا فيها ما يشرع من ذلك، وما لا يشرع، وانظر على سبيل المثال الفتوى رقم: 224119، والفتوى رقم: 187133.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني