الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن ضاقت عليه الدنيا

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 27، غير متزوج، ولم أكمل تعليمي الجامعي لأسباب مادية، فالتعليم في الدولة التي أسكن فيها مكلف جدًّا، وغير قادر على سداد قسط التعليم، ولا يوجد لديّ عمل، ومبتلى بالديون التي تثقل كاهلي، وما زلت شابًّا في مقتبل العمر، وأنا على هذه الحال؛ وذلك يسبب لي اكتئابًا شديدًا، فأشعر أني إنسان فاشل؛ حيث لم أكمل التعليم، ولا يوجد لديّ عمل ناجح، أو أي شيء ناجح يذكر في حياتي، ويمر عليّ أكثر من نصف سنة، ولا أجد عملًا، وعندما أجد يكون العمل بسيطًا بمعاش قليل، ولا يكفي لسداد الديون المتراكمة عليّ؛ وذلك يشعرني بالانهيار النفسي، فأنا في مقتبل العمر على هذه الحال، فكيف بعد عشرة أو عشرين عامًا؟ هل الإنسان مقدر له رزقه وتعليمه؟ وهل الله تعالى كتب على الإنسان ماذا سيعمل في حياته وهل سيتعلم؟ وهل هو مخير في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكل شيء من الرزق، والأجل، والشقاوة والسعادة مقدر أزلًا، ولكن الله قد قدر ذلك كله بأسباب، وخلق للعبد مشيئة واختيارًا، فبمشيئته وإرادته تقع أفعاله، وليس هو مجبرًا على شيء، وإنما هو ميسر لما خلق له، هذا خلاصة ما يعتقده أهل السنة في مسألة القدر.

وأما فيما يتعلق بما ذكرته، فنصيحتنا لك هي أن تحسن ظنك بربك تبارك وتعالى، وتجتهد في دعائه، واللجأ إليه، وتتقرب إليه بما أمكنك من القربات، وصنوف الطاعات، فإنه ما نال أحد ما عند الله بمثل طاعته، وتقوى الله تعالى من أعظم أسباب تيسير الأمور، وحصول الرزق، وجلب السعادة والطمأنينة في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}

فاتق الله تعالى، واجتهد في طاعته، وتوكل عليه سبحانه في جلب ما ينفعك، ودفع ما يضرك؛ عالمًا أن الخير كله بيديه سبحانه، وأنه أرحم بك من أمك التي ولدتك، وأنه ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واجتهد في الأخذ بالأسباب من الجدّ في البحث عن عمل، وبذل طاقتك في إتقان هذا العمل، وأدائه على وجهه، وأبعد عنك الحزن والاكتئاب بالرضا بما يقدره الله ويقضيه، وبدوام ذكره ودعائه سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن ييسر أمرك، ويقدر لك الخير حيث كان.

وننصحك كذلك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني