الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة التدرج في الحجاب

السؤال

عندما تبلغ البنت مثلا عمر 11 أو 12 سنة، هل يجب أن تتحجب مثلها مثل بنت 30 مثلا، حيث تكون ما زالت طفلة، ولا تفهم كثيرا، أم يجوز التدرج معها بحجاب ملون لنحببها بالحجاب، وقليلا قليلا نقوم بتطويل عباءتها خلال فترة زمنية، إلى أن تقتنع به وتحبه؟
وإذا كان لا يجوز التدرج. فهل يجب إجبارها على الحجاب إذا لم تتقبل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كانت البنت في هذه السنّ بالغة، فهي مكلفة، وعليها أن تستر بدنها عن الأجانب، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها في الخروج غير مستترة، وعليه أن يلزمها بالستر رضيت أو كرهت، لكن عليه أن يعلّمها الإيمان بالله واليوم الآخر، ويعرّفها بحكم الشرع ويلزمها به، ولا يتهاون في ذلك على سبيل التدرج معها، إلا إذا كان في إلزامها الحجاب فجأة مفسدة كبيرة، كما لو كانت البنت رقيقة الدين، أو حديثة عهد به، ولو ألزمها الحجاب فربما نفرت من الدين، ففي هذه الحال يجوز التدرج معها حتى يسهل عليها العمل بالشرع، وينشرح صدرها له.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: كما أن الداخل في الإسلام لا يمكن حين دخوله أن يلقن جميع شرائعه، ويؤمر بها كلها. وكذلك التائب من الذنوب؛ والمتعلم والمسترشد، لا يمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين، ويذكر له جميع العلم؛ فإنه لا يطيق ذلك، وإذا لم يطقه لم يكن واجبا عليه في هذه الحال، وإذا لم يكن واجبا، لم يكن للعالم والأمير أن يوجبه جميعه ابتداء، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لا يمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان، كما عفا الرسول عما عفا عنه إلى وقت بيانه، ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات، وترك الأمر بالواجبات؛ لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل، وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط. مجموع الفتاوى.
مع التنبيه إلى أنّ اللباس الساتر للمرأة، لا يشترط فيه لون معين، لكن يشترط أن يكون ساتراً للبدن، غير ملفت للأنظار، وراجع الفتوى رقم: 65221.
أمّا إذا كانت البنت في هذه السنّ لم تبلغ المحيض، فقد نصّ بعض أهل العلم على إلحاقها بالبالغة في الحكم.

قال الماوردي في الحاوي: فلو بلغ الغلام عشر سنين، والجارية تسع سنين، كانا كالبالغين من الرجال والنساء في حكم العورة، وتحريم النظر إليها؛ لأن هذا زمان يمكن فيه بلوغهم، فجرى حكمه لتغليظ حكم العورات. اهـ.

وذهب بعض أهل العلم إلى مخالفة حكمها لحكم البالغة، فعلى قولهم ليس بواجب إلزامها بالحجاب، لكن ينبغي تمرينها وتعويدها عليه، وتنشئتها على الحياء والتستر، والتدرج في ذلك من الصغر حتى إذا بلغت كانت معتادة على الستر.

قال ابن القطان -رحمه الله-: الإناث على قسمين: مكلّفات، وغير مكلّفات:
غير المكلَّفات: الكلام فيهن كالكلام في غير المكلَّفين، كما لا يؤمر منهم أحد، لا تؤمر منهنّ واحدة، ولكن يؤدّبن ويُدَرَّبن، وينشَّأن على التَّحفُّظ والاستتار، ويجب على الآباء فيهن مزيد: وهو أن يحفظوا عوراتهن. إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: إلى أي سن يجب على الفتاة أن تلبس الحجاب، وهل يجب أن نفرضه على التلميذات ولو كرهن ذلك؟
فأجابت: إذا بلغت البنت وجب عليها أن تلبس ما يستر عورتها، ومنها الوجه والرأس والكفان، سواء كانت تلميذة أم لا، وعلى ولي أمرها أن يلزمها بذلك لو كرهت، وينبغي له أن يمرنها على ذلك قبل البلوغ حتى تتعوده، ويكون من السهل عليها الامتثال. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني