الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحلف على ترك نوع محدد من السجائر دون بقية الأنواع

السؤال

حلفت يمينا على ترك التدخين، ولكني لم أستطع الاستمرار، وتمنيت لو أنني سمحت لنفسي بتدخين أنواع أخرى مثل السيجار أو الأرجيلة؛ وذلك لتخفيف حاجتي للنيكوتين، فعدت للتدخين، ودفعت الكفارة.
وبعد فترة من الزمن مرضت ابنتي، وكان موضوع ترك التدخين لا يزال في بالي، فنذرت أن أترك التدخين، ولكن كانت في بالي التجربة الأولى، فحددت ذلك في النذر، فنذرت أن أترك التدخين، ولكني سأدخن الأنواع الأخرى مثل السيجار والأرجيلة والغليون؛ لتسد حاجتي وطلب جسمي للنيكوتين.
وبالفعل أصبحت أدخن هذه الأنواع بوتيرة أقل، ثم وجدت في السوق نوعا من السيجار مع فلتر مثل السجائر العادية، ولكن قد كتب عليه سيجار؛ فأصبحت أدخن هذا النوع. وكنت أذهب إلى السوق، وإذا وجدت أي نوع مكتوب عليه سيجار أدخن منه، وأي نوع مكتوب عليه سجائر لا أدخن منه، دون أن يؤنبني ضميري؛ لأنني حددت ذلك في النذر، وأصبحت أدخن كمية كبيرة من هذا السيجار، وأشعر بأنه مضر أكثر من التدخين العادي وأثقل، وأصبحت أدخن الغليون والأرجيلة أيضا.
وفي يوم من الأيام ذهبت إلى البقالة؛ فوجدت كيسا صغيرا يوجد بداخله ما يسمى (توباكو) يتم لفه في ورقة وتدخينه، ولم أعرف ما تصنيفه هل هو من السيجار أو من السجائر؟ فقرأت عن الموضوع، واكتشفت أن ما بداخل السيجار هو توباكو، وما بداخل السجائر هو توباكو أيضا، وما بداخل الأرجيلة أيضا. وكأنني نذرت نذرا متضاربا، أقرب مثال على ذلك كأن أنذر: (أنني لن أشرب الماء بكأس من البلاستيك، ولكني سأشربه من كأس من الكرتون).
فهل مسموح لي شربه بكأس من الزجاج، وكأن المشكلة في الوعاء وليس في الماء؟
على كل حال سؤالي ليس عن حرمة التدخين، أو فوائد تركه، سؤالي عن النذر هل أقوم بكسر النذر إذا قمت بتدخين ما يسمى ب (التوباكو)؟
وشكرا لكم.
وجعل الله ما تقدمون في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التدخين محرم شرعا عند عامة العلماء المعاصرين، فنذر ترك التدخين هو من نذر الواجب، ونذر الواجب لا ينعقد عند جماهير العلماء؛ لأن النذر هو أن تلزم نفسك بفعل قربة غير لازمة لك بأصل الشرع، والواجب الشرعي لازم بأصل الشرع، فإلزام النفس بما هو لازم شرعا لا يضيف جديدا، بل هو من باب تحصيل الحاصل.

وعليه، فلا تلزم كفارة في حال عدم الوفاء بهذا النوع من النذور، وإنما تلزم التوبة إلى الله تعالى، والالتزام بفعل الواجب، ومجاهدة النفس على ذلك، كما بيناه في الفتويين التاليتين: 52319 // 38935 .

وأما عما يتناوله النذر واليمين في حال انعقادهما: فإن المرجع في الأيمان والنذور هو إلى نية الحالف والناذر، فإن عدمت النية، فإنه يرجع إلى السبب الباعث على النذر.

جاء في دليل الطالب لمرعي الكرمي: يرجع في الأيمان إلى نية الحالف .. فإن لم ينو شيئا، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها .. فإن عدم النية والسبب رجع إلى التعيين .. فإن عدم النية والسبب والتعيين: رجع إلى ما تناوله الاسم وهو ثلاثة: شرعي، فعرفي، فلغوي.

فاليمين المطلقة تنصرف إلى الشرعي، وتتناول الصحيح منه ... فإن عدم الشرعي، فالأيمان مبناها على العرف ... فإن عدم العرف رجع إلى اللغة. اهـ. باختصار.

فمن حلف مثلا على ترك التدخين ونوى ترك نوع معين فحسب، فإنه لا يحنث بتدخينه لنوع آخر، على القول بانعقاد هذا النوع من النذر وهكذا. ونذكر السائل بحرمة التدخين، وأن عليه ألا يتهاون بهذا الذنب، تعظيما لربه سبحانه. وانظر الفتوى رقم: 280780، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني