الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال المكتسب من التدريب في بنك ربوي

السؤال

تدربت في البنك الأهلي القطري لمدة شهر، وهو بنك ربوي، وكان بنية التدريب فقط، وليس للعمل في هذه البنوك فيما بعد، وهناك مكافأة عن فترة التدريب، وفي حدود 200 جنيه.
فهل هي حرام أم حلال؟ وإذا كانت حراما. فهل يجوز إخراجها كصدقة جارية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعمل في البنك الربوي ولو بغرض التدريب لا يجوز، وما اكتسب منه مقابل ذلك العمل، يعتبر كسبا خبيثا، لكن بعض العلماء يرى أنه يفرق بين الجاهل بحرمة ذلك، والعالم بحرمته.

جاء في الاختيارات لابن تيمية ـ رحمه الله ـ ما يلي: ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب ـ كثمن الخمر، ومهر البغي، وحلوان الكاهن ـ فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إن لم يعلم التحريم، ثم علم، جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا، ثم تاب، فإنه يتصدق به. اهـ.

وعلى هذا، فإن كنت قد عملت في البنك متدربا، عالما بحرمة ذلك، فعليك التخلص مما اكتسبته بدفعه للفقراء والمساكين، وليس لك الانتفاع به في خاصة نفسك، إلا أن تكون فقيرا محتاجا.

قال النووي نقلا عن الغزالي: وله أن يتصدق به ـ أي بالمال الحرام ـ على نفسه وعياله إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله أن يأخذ قدر حاجته، لأنه ـ أيضا ـ فقير. انتهى.

وأما لو كنت جاهلا بحرمة ذلك العمل، ولم تعلم به إلا بعد انتهاء مدة التدريب وتركك له، فلا حرج عليك في الانتفاع بما اكتسبته منه للعذر بالجهل في ذلك.

قال الشيخ ابن باز: إذا كان عن جهالة فله ما سلف، وأمره إلى الله، قال الله جل وعلا: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}. فإذا كان جاهلا فله ما سلف، أما إذا كان عالما ويتساهل، فليتصدق بالكسب الحرام، إذا كان نصف أمواله أو ثلثها أو ربعها كسبا حراما، يتصدق به على الفقراء والمساكين، أما إذا كان جاهلا لا يعلم، ثم علم وتاب إلى الله، فله ما سلف. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان قد أخذه، فإن كان جهلاً منه ولا يدري أنه حرام، فإن توبته تجب ما قبلها وهو له, لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ. {البقرة:275}.

وأما إذا أخذه وهو يعلم أنه حرام، لكنه كان ضعيفاً في الدين، قليل البصيرة, فهنا يتصدق به, إن شاء في بناء المساجد، وإن شاء في قضاء الديون عمن عجز عن قضائها, وإن شاء في أقاربه المحتاجين؛ لأن كل هذا خير. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني