الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوجة الثانية.. طلاق أم إمساك

السؤال

أنا متزوج منذ عشر سنوات، ورزقني الله طفلين. زوجتي إنسانة طيبة، لكنها تحب النوم كثيرا، وكثيرة الانشغال بالعلاقات الاجتماعية، ودائما ما كانت تقصر في المنزل من حيث العناية والاهتمام بالمنزل والأطفال، وأيضا في نفسها ومظهرها في البيت، وكثيرا ما كان يتسبب ذلك في خلافات بيني وبينها، حتى إنني أضطر للاتصال عليها صباحا مرات عديدة خلال سفري لإيقاظها حتى يذهب الأولاد للدراسة، وإذا لم أفعل تظل نائمة لما بعد الظهر.
ومنذ عام وبعد شجار بيننا، قلت لها إني سأتزوج حتى توفر لي أخرى الاهتمام الذي أرجوه. عارضت الموضوع بشدة، ورغم ذلك عزمت على الزواج، وتعرفت على بنت أخرى، وخطبتها من أهلها، واستمرت الخطوبة لمدة عام دون علم زوجتي.
وخلال هذه الفترة تحسن حال زوجتي تدريجيا، وبدأت تتغير بشكل إيجابي، مما زاد حيرتي وترددي في الزواج الثاني، حتى فسخت الخطبة بالثانية بعدها بشهرين، ومع حزن وضغط شديد من الثانية، حتى إنها قالت لي يكفيني أن تكون معي مرة كل عدة أشهر، وسأكون ببيت أهلي، ولكن لا تتركني، وبعد ذلك الضغط عقدت عليها -ونظرا لرغبتي في عدم علم زوجتي الأولى، حتى لا يسوء حالها مرة أخرى إذا علمت، وقد يزداد الأمر لأن تطلب الطلاق- فقد طلبت من المحامي عدم وضع عنوان الزوجة في العقد، حيث إن عقد الزواج قد تم بوزارة العدل، نظرا لأن الزوجة غير مصرية، وقام المحامي بوضع عنوان مكتبه كأنه هو عنوان الزوجة، وفوجئت بذلك أثناء إتمام العقد، مما جعلني مترددا؛ لأني لا أحب الكذب، وأحرص على الصدق دائما، ولكني وافقت لصعوبة الموقف حينها. وبعد العقد نزلت بغرفة واحدة مع زوجتي الثانية، نظرا لأنها من بلد آخر، وكان ذلك لليلة واحدة قبل عودتها إلى بلدها، وكان بيننا ما يكون بين الزوجين، إلا أنه لم يحدث جماع، وفضلنا إرجاءه لوقت آخر. وبعد العودة لبيتي ووجودي مع زوجتي الأولى، وملاحظتي للتغير الإيجابي الذي يحدث في سلوكها، وحرصها على إرضائي، أشعر بندم شديد على العقد على الثانية، وأخشى إذا علمت بالزواج، أن تنقلب حالتها أسوأ مما كانت، أو تطلب الطلاق، خصوصا بعدما استجابت لطلباتي.
أنا الآن أشعر بعدم الرغبة في السفر لرؤية زوجتي الثانية، خصوصا وأن سرية علاقتي بها تخنقني، وكأني أفعل حراما، ويعلم الله أني تجنبت الحرام طول حياتي رغم توفره لي كثيرا أثناء سفري لبلاد كثيرة. وكذلك كلما أنظر للعقد وقد تم تغيير عنوان الزوجة الأولى فيه، أشعر بالخوف أن يكون لذلك تأثير على صحة العقد، وأخيرا توقعي لانقلاب حال زوجتي حال معرفتها بزواجي بأخرى، كل ذلك أصابني بحالة نفور شديدة من الزوجة الثانية، حتى إنني أفكر بالانفصال عنها، خصوصا عندما أتذكر ضغطها علي واستعجالها لإتمام العقد.
أولا: هل عقد الزواج صحيح في حال إدراج عنوان مزيف للزوجة الأولى؟
ثانيا: ما حقوق الزوجة الثانية إذا طلقتها؟ حتى أوفيها حقها؟
ثالثا: بماذا تنصحوني؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتابة عنوان غير صحيح للزوجة الأولى، لا أثر له على صحة عقد زواج الثانية.
وإذا طلقت زوجتك الثانية وقد خلوت بها خلوة صحيحة، فلها مهرها كله مقدمه ومؤخره.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة وإن لم يطأ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَزَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ.
ولها النفقة مدة العدة، ولها المتعة عند بعض أهل العلم، ور اجع الفتوى رقم: 30160
ونصيحتنا لك أن تمسك زوجتيك وتعاشرهما بالمعروف، ولا تطلق لغير مسوّغ، حتى لو كرهت الثانية، فلا ينبغي أن تطلقها، قال تعالى : .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. {النساء:19}
إلا إذا غلب على ظنك أن إمساكك للثانية سيؤدي حتما إلى مفسدة كبيرة كضياع أسرتك، واضطراب أمورك، فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني