الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين الصبر والسعي في رفع البلاء بالأسباب الممكنة

السؤال

الصبر على المصائب والابتلاءات وغيرها يكون عند الصدمة الأولى.
لكن ماذا إذا شخص لم يصبر بالبداية ويشتكي ويتذمر. ما الحل هنا؟ هل إذا تاب وصبر بعدها يكون له أجر الصابرين؟
ولا مانع إذا صبرنا أن نتخذ الأسباب العلاجية والحلول بهدوء حتى وإن كان الشخص مظلوما مثلا يدافع عن ظلمه بقدر الامكان، أو مثلا إذا كان مصيبة مال أن يتخذ حلولا مالية، وغيرها من السعي للحلول أليس كذلك؟
جزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن فاته الأجر الكامل على الصبر عند الصدمة الأولى بأن جزع أول ما أصيب بالمصيبة، فإنه إن عاد فتاب ووطن نفسه على الصبر والاحتساب رجي له ما يرجى للصابرين من المثوبة، وإن فاته كمال الأجر الحاصل لمن صبر عند أول صدمة، وانظر الفتوى رقم: 146813، ولا تنافي بين الصبر وبين السعي في رفع البلاء ودفع المصيبة بالأسباب الممكنة، فقد يكون الشخص مريضا فيسعى في التداوي ولا يكون هذا منافيا لصبره وكذا في جميع النظائر، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعانة بالله وعدم العجز عما يقدر عليه الإنسان من الأسباب، فإذا عدمت الأسباب فلم يبق إلا الصبر وعدم الجزع، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن غلبك أمر فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان. لا تعجز عن مأمور ولا تجزع من مقدور، ومن الناس من يجمع كلا الشرين؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على النافع والاستعانة بالله والأمر يقتضي الوجوب وإلا فالاستحباب. ونهى عن العجز وقال: {إن الله يلوم على العجز} والعاجز ضد الذين هم ينتصرون والأمر بالصبر والنهي عن الجزع معلوم في مواضع كثيرة. وذلك لأن الإنسان بين أمرين: أمر بفعله فعليه أن يفعله ويحرص عليه ويستعين الله ولا يعجز وأمر أصيب به من غير فعله فعليه أن يصبر عليه ولا يجزع منه؛ ولهذا قال بعض العقلاء ابن المقفع أو غيره الأمر أمران: أمر فيه حيلة فلا تعجز عنه وأمر لا حيلة فيه فلا تجزع منه. وهذا في جميع الأمور؛ لكن عند المؤمن الذي فيه حيلة هو ما أمر الله به وأحبه له. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني