الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: أقسمت ألا أشرب الخمر مرة أخرى، وإن شربته فزوجتي طالق بالثلاث

السؤال

أنا شاب متزوج، مبتلى بشرب الخمر -أسأل الله أن يتوب علينا- أقسمت ألا أشرب الخمر مرة أخرى، وإن شربته فزوجتي طالق بالثلاث، ومع الأسف -لعنة الله على الشيطان- شربت.
فهل تطلق مني زوجتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت علقت طلاق زوجتك على شرب الخمر، ثم شربته، فاعلم أنّ جمهور أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، على أن الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، وهذا هو المفتى به عندنا، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّك حنثت في يمينك بشربك الخمر، وطلقت منك زوجتك ثلاثاً، وبانت منك امرأته بينونة كبرى، فلا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجاً آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.

أمّا إذا كنت حلفت بالله على ترك شرب الخمر، وأتبعت ذلك بوعد بتطليق زوجتك إذا شربت الخمر؛ كأن تقول: والله لا أشربها، وإن شربتها فسأطلق زوجتي، فهذا وعد لا يترتب عليه وقوع الطلاق، ولكن تلزمك كفارة اليمين بالله، وراجع الفتوى رقم: 201490.

واعلم أنّ الحلف بالطلاق وغيره من الأيمان بغرض حمل النفس على الإقلاع عن المعاصي، مسلك غير سديد، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 151459
والسبيل القويم هو الاستعانة بالله عز وجل والتوبة النصوح، فالواجب عليك التوبة إلى الله من شرب الخمر؛ فإنّها أمّ الخبائث، وشربها من أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.

واحذر من تخذيل الشيطان وإيحائه لك باليأس والعجز عن التوبة، فذلك من وسوسته ومكائده، فالإقلاع عن شرب الخمر يسير -بإذن الله- إذا لجأت إلى الله، وتوكلت عليه، وصدقت في مجاهدة نفسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني