الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب قمت أنا وصديق لي بسرقة خروف من عند أحد الاشخاص، وصديقي الذي كان معي الآن توفي، وأنا أريد التوبة من ذلك الذنب الذي فعلته، فما وجدت طريقة إلا أن بحثت عن رقم صاحب الخروف، وتواصلت معه، وطلبت منه السماح، لكنه رفض السماح، وقال إن كنت تريد أن أسامحك فقيمة الخروف 10 آلاف ريال، مع العلم أن قيمة الخروف في السوق لا تتعدى ألف ريال، وأنا رجل غير موظف، ولا أقدر على إعطائه 10 آلاف ريال، فهو مبلغ كبير، ولا أقدر عليه. فما العمل في هذه الحالة وما الطريقة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الخروف باقيا عندك، فالواجب عليك أن ترده لصاحبه، وأمّا إن كان غير باق؛ كما لو كان قد ذبح، أو بيع، أو مات، فالواجب ردّ قيمته لصاحبه، وبذلك تبرأ ذمتك. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ كل واحد من المشتركين في السرقة يضمن جميع المسروق، قال ابْنُ رُشْدٍ: إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فِي الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَخَذُوهُ ؛ لأَنَّ بَعْضَهُمْ قَوَّى بَعْضًا ، كَالْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَيُقْتَلُونَ بِهِ جَمِيعًا ، وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ أَحَدُهُمْ وَحْدَهُ. انتهى من "منح الجليل" (9/345).

فالأحوط أن تؤدي إلى الرجل قيمة الخروف كله، قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ المسروق التالف يرد بقيمته يوم السرقة، وبعضهم يرى أنّه يرد بقيمته يوم التلف، وبعضهم يرى أنّه يرد بقيمته وقت الرد، وبعضهم يرى أن يرد بأعلى قيمة مما سبق.

وعلى أية حال؛ فلا يلزمك أن تعطي الرجل عشرة آلاف ما دام ذلك زائداً عن قيمة الخروف زيادة فاحشة، ولكن يلزمك رد القيمة بالمعروف، وقولك في ذلك هو المعتبر. جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: والقول في قيمة التالف أو قدره أو صفته قوله أي: قول الغاصب، فلو غصب شيئاً فتلف ـ وكان متقوماً ـ فقال المالك: قيمته ألف، وقال الغاصب: قيمته خمسمائة، فالقول قول الغاصب. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني