الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جرى بينه وبين صديقه عقد شركة ومضاربة ثم خسروا فطلب منه ضمان رأس المال

السؤال

اتفقت مع صديقي على تجارة واستثمار، بحيث يكون منه المال، ومني الجهد والعمل، مع قليل من المال؛ ليكون هو رأس المال، بحيث تم تفويضي بالإدارة كاملة دون الرجوع له، وقد دخل بمبلغ 300 ألف ريال، وتم فتح مشروع مغسلة سيارات، وكافتيريا وجبات سريعة، وما تبقى من مال اشتري به ملابس وأحذية للأطفال، وبمدة محددة سنة كاملة تجدد تلقائيًّا، بحيث يكون لكل منا أرباح بنسبة، كل بمساهمته في رأس المال بصورة شهرية، وإذا تعادلت المصاريف مع المبيعات، فلا يكون توزيع لمبلغ بيننا، وإذا كانت هناك خسائر، فننتظر لأشهر تكون فيها المبيعات مرتفعة؛ لتغطي الأشهر التي فيها خسائر، ومن ثم توزع الأرباح الباقية، وخلال عامين تم استرجاع رأس المال -ولله الحمد-، من باب الثقة بيننا، وكنت أمينًا على هذا المال، ولكن بعد ذلك بدأ الخلاف، حيث بدأت المبيعات تقل، والمصاريف ترتفع، وأصبح الموضوع يتجه للخسارة، حيث لا طاقة لنا بتحمل الإيجارات، وحاولت عرض المغسلة والكافتيريا للبيع دون جدوى؛ مما اضطرني لسحب معداتي البسيطة، وحتى الملابس انخفض مستوى المبيعات بها بشكل ملحوظ.
وعندما رأى صديقي ما حدث بالتجارة، رأى أن ننسحب من هذا الاستثمار، وطالبني بإعادة مبلغه الذي دفعه: 300 ألف ريال كما هو، وأن لديه مني سند قبض بمبلغ مكتوب، وغرض المبلغ للاستثمار لمدة عام، حيث إنه يرى أن المبلغ هذا كان من المفروض أن يحفظ حتى نهاية المدة لكي يأخذه، أو يجدد لسنة أخرى على حسب نتائج التجارة، وأنه في حالة عدم سداد المبلغ، سيتوجه للقضاء لأخذ مبلغه كاملًا، وبالخصوص أن لديه سند قبض المبلغ، وهو على علم أن التجارة قد تناقصت وخسرت، وما بقي منها إلا القليل من الملابس والأحذية للأطفال، دون تقصير مني بتعدٍّ أو تلف، حيث إن لي في رأس المال، وهو له في رأس المال، بالإضافة إلى الجهد، فكيف لي أن أحفظ رأس المال له، وأوزع له أرباحًا دون الدخول في تجارة؟ وحين انتهاء مدة الاستثمار يستعيد مبلغه كاملًا؛ لذلك -جزاكم الله الخير- أفيدونا عما أقوم به بالوجه الصحيح والشرعي مع صديقي؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما تم بينكما يعتبر شركة ومضاربة؛ لكون المال منكما معًا، والعمل منك فقط، قال ابن قدامة في المغني: القسم الرابع: أن يشترك مالان، وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم، لأحدهما ألف، وللآخر ألفان، فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها، على أن يكون الربح بينهما نصفين، صح... وانظر الفتوى رقم: 170445.

وما طلبه منك شريكك لا حق له فيه، فلست ضامنًا لرأس المال، والخسارة يتحملها كل منكما في رأس ماله، وبما أن العمل منك وحدك، فتخسر جهدك أيضًا، جاء في كشاف القناع: والوضيعة -الخسارة- على قدر ملكيهما فيه، أي: فيما يشتريانه، فعلى من يملك الثلثين ثلثا الوضيعة، وعلى من يملك فيه الثلث ثلثها، سواء كانت لتلف، أو بيع بنقصان، وسواء كان الربح بينهما كذلك، أو لم يكن؛ لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بمالكه، فوزع بينهما على قدر حصصهما. اهـ.

ولا ضمان عليك في الخسارة، إلا إذا كنت فرطت، أو تعديت، جاء في المنثور في القواعد، في أسباب الضمان، وذكر منها اليد، قال: وهي ضربان: يد غير مؤتمنة، كيد الغاصب، ويد أمانة كالوديعة، والشركة، والمضاربة، والوكالة، ونحوها، إذا وقع منها التعدي، صارت اليد يد ضمان. انتهى.

وكون شريكك لديه وصل أمانة منك برأس ماله، فهذا لا يبيح له تضمينك، ومطالبتك بجميع رأس المال، وإنما يطالبك بما بقي من رأس المال فقط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني