الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفيده حرف العطف "ثم" في قوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب ...)

السؤال

الإخوة الأعزاء في إسلام ويب في آخر سورة الأنعام يقول الحق "ثم آتينا موسى الكتاب "الأنعام-154- لماذا لم يأت بحرف العطف الواو بدلاً من (ثم)، هل هناك اثنان اسمهما موسى؟!! ، موسى قبل محمد وموسى بعد محمد !!
في سورة البقرة 59 "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل.....فأنزلنا على الذين ظلموا..." ، لماذا لم يقل (فأنزلنا عليهم رجزاً) كما قال في سورة الأعراف (فأرسلنا عليهم) الأعراف-162-
أرجو الرد، وشكراً .

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فموسى المذكور في آية الأنعام التي أوردتَها هو موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وليس موسى آخر، والإتيان بحرف العطف " ثم " في الآية لا يعني تأخر زمن موسى على زمن محمد عليهما الصلاة والسلام فإن " ثم " هنا المراد بها عطف خبر على خبر، قال ابن كثير في تفسيره: و" ثُم " هاهنا إنما هي لعطف الخبر بعد الخبر لا للترتيب هاهنا، كما قال الشاعر:

قُلْ لِمَنْ سَادَ ثُم سَادَ أبوهُ ... ثُمّ قد سَادَ قَبْلَ ذَلكَ جَده

وهاهنا لما أخبر الله تعالى عن القرآن بقوله: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ } عطف بمدح التوراة ورسولها، فقال: { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } ... اهـ .
وقال البغوي: فإن قيل: لِمَ قال: "ثم آتينا" وحرف "ثم" للتعقيب وإيتاء موسى الكتاب كان قبل مجيء القرآن؟ قيل: معناه ثم أخبركم أنا آتينا موسى الكتاب، فدخل "ثم" لتأخير الخبر لا لتأخير النزول. اهـ
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: {ثُمَّ} هنا عاطفة على جملة: {قُلْ تَعَالَوْا} فليست عاطفة للمفردات، فلا يتوهم أنها لتراخي الزمان. اهـ
وفي زاد المسير لابن الجوزي: قال الزجاج ثم هاهنا للعطف على معنى التلاوة فالمعنى أتل ما حرم ربكم ثم اتل عليكم ما آتاه الله موسى. اهـ

وأما قوله في سورة البقرة "على الذين ظلموا" ولم يقل " عليهم " كما في سورة الأعراف، فالحكمة هي بيان أن المقصود بـ"عليهم " في سورة الأعراف هم الذين ظلموا، وأن العذاب لم يَعُمَّ بني إسرائيل جميعا، بل أصاب الذين ظلموا فقط. قال ابن عاشور: وإنما جاء بالظاهر في موضع المضمر في قوله: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً} ولم يقل عليهم لئلا يتوهم أن الرجز عم جميع بني إسرائيل وبذلك تنطبق الآية على ما ذكرته التوراة تمام الانطباق. اهـ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني