الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخبار الزوجة بعلاقات زوجها النسائية غير الشرعية

السؤال

تقدم شاب لخطبتي، وهو يشغل منصب نقيب بالجيش، ووالدتي وافقت عليه مصدقة كل ما أخبرها به عن حياته، بأنه يتيم فاقد لأهله، ونظرا لبعد مكان نشأته عن مدينتي آلاف الكيلومترات. صدقته أمي في كل شيء، معتمدة على مظهره. ولخوفي الشديد لم أوافق بشكل كامل، وعندما بذلت قصارى جهدي في البحث عنه، وجدته متزوجا، وعنده طفلة، وزوجته سيدة على خلق، وكان قد كذب علينا، وقال عنها بأنها كانت غير عذراء، وطلقها من أول شهر من زواجهما. واكتشفت أيضا أن عائلته على قيد الحياة، وهو غير سوي، وله علاقات نسائية.
واجهته وانصرفت عنه، لكن هل يجب علي أن أخبر زوجته أم ستكون فتنة؟ وهل هذا الشخص الذي كسر خاطري وفرحتي، لي الحق في أن أشكوه إلى الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الرجل قد أخبر بخلاف واقع حاله، فهذا هو الكذب بعينه، والكذب محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يطبع عليه المؤمن، وقد ورد في التحذير منه كثير من نصوص الشرع.

قال النووي في كتاب الأذكار: قد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب، وإجماع الأمة منعقد على تحريمه، مع النصوص المتظاهرة، واعلم أن مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدت ذلك أم جهلته، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العمد. اهـ.

وللمزيد نرجو مراجعة الفتوى رقم: 26391.

وقوله عن زوجته إنها غير عذراء، إن قصد به التعريض بقذفها، فهذا أمر خطير، رتب الشرع عليه عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، كما بينا في الفتويين: 136353، 29732.

والواجب على المسلم أن يصون للناس أعراضهم، ويتأكد مثل هذا في حق الزوج مع زوجته.

وإن كان هذا الرجل يقيم علاقة عاطفية مع نساء أجنبيات، فهذا أمر منكر وذريعة للفساد، وهو خلق من أخلاق الجاهلية التي جاء الإسلام بتحريمها والتحذير منها، كما قال تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}، والأخذان الخليلات، وراجعي الفتوى رقم: 30003. وهذا الأمر قبحه أشد؛ لكونه صادر من رجل متزوج.

ومن اطلع منه على ذلك، فعليه أن ينصحه بالحسنى، ويخوفه بالله تعالى، فلعله يتوب. فإن تاب، فالحمد لله، وإلا فيمكن رفع أمره إلى من يمكنه ردعه كالجهات المسؤولة؛ لئلا يفسد النساء، فإن انتهى فذاك، وإلا فيمكن تنفيذ التهديد ليردع.

وأما إخبار زوجته فلا داعي له، ولا تترتب عليه مصلحة، بل تترتب عليه مفاسد عظيمة كتشتت الأسرة وضياعها. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 93210.

وبخصوص دعائك عليه، فإذا لم يكن منه إلا ما ذكرت من ادعائه ما ليس فيه، ولم يترتب عليه أذى أو ضرر تجاهك، فلا نعتقد أن لدعائك عليه مسوغا، وعلى كل فالعفو أفضل. وانظري الفتوى رقم: 27841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني