الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال لزوجته في حال غضب: "إن لم تفعلي كذا فاعتبري نفسك مطلقة"

السؤال

نفع الله بكم الإسلام والمسلمين، أرجو الجواب بأسرع ما يمكن على سؤالي؛ لأني الآن أعيش في نكد -أعاذنا الله وإياكم منه- وأهل بيتي قلقون، وننتظر جوابًا منكم.
أخي العزيز: أعاني من عصبية، وانفعالات تصل أحيانًا إلى عدم فهم ما أنا قائله، أو قول أشياء لا أقصدها، فقد أجريت في رأسي عملية بسبب إصابة قديمة؛ مما أثر على نفسيتي، ولا تزال في رأسي شظية من زجاج، وأنتم أعلم بمن يعاني من داء في رأسه، حتى إني كثير السهو، وضعيف النظر والتركيز، ودخلت مرة إلى البيت وكان بيني وبين زوجتي إشكال، فتشاجرنا، وقد تفوهت بما نصه: (إن لم تذهبي غدًا إلى بيت أهلك، فاعتبري نفسك مطلقة)، وكان هدفي من ذلك تخويفها، وبعد دقيقة أو اثنتين أكدت كلمتي الأولى، فقلت: (أخبرتك إن لم تفعلي، فأنت مطلقة)، وبعد ذلك استمرت المشاجرة بيننا، فهاجمتني، وقامت بعضّي من كتفي؛ حتى إن إثر العضة بقي أزرق اللون في كتفي حوالي الشهر، فمن أجل أن أتخلص من ذلك الألم قلت لها: "أنت طالق"، وبعد ذلك اطلعت، وقرأت تفاسير وأقوال علماء أجلاء، وفتاوى كثيرة، واطمأننت أن شيئًا لم يكن مما أخافه، فإن ما قلته كان مرة للتهديد، ومرة للتأكيد والإفهام، ومرة لدفع الأذية عني، ورجعت علاقتنا كما كانت، وأريد التأكد من أن شيئًا مما أخافه لم يقع، مع العلم أن لدينا طفلين، وزوجتي كانت في حيض، فأفيدوني -جزاكم الله خير الجزاء، وبوركت جهودكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا في البدء: نسأل المولى تبارك وتعالى أن يشفيك، وهو الشافي سبحانه، لا شفاء إلا شفاؤه.

ونوصيك بالاجتهاد في الدعاء، والبحث عن سبيل للعلاج، فذلك ممكن، فما أنزل الله داء إلا جعل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، كما جاء في السنة الصحيحة. روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله عز وجل.

وقول الزوج لزوجته: اعتبري نفسك طالقًا، المفتى به عندنا أنه من كنايات الطلاق، فيرجع فيه إلى نية الزوج، فإن لم تقصد به إيقاع طلاقها، لم يقع الطلاق، وفي المسألة خلاف، بيناه في الفتوى رقم: 249343.

وقولك لها بعد ذلك: "أخبرتك إن لم تفعلي، فأنت مطلقة"، إن قصدت به مجرد الإخبار عن الحالة السابقة، لا إنشاء طلاق جديد -كما هو الظاهر- فلا يترتب عليه شيء، وانظر الفتوى رقم: 93536. لكنه يدل على أنك قصدت بقولك السابق: (إن لم تذهبي غدًا إلى بيت أهلك، فاعتبري نفسك مطلقة) الطلاق، فإن كانت لم تذهب إلى بيت أهلها على نحو ما أردت، فقد حنثت، ووقع طلاقك على مذهب الجمهور.

وأما المرة الثالثة، فقد طلقت فيها زوجتك بلفظ صريح :"أنت طالق"، فيقع به الطلاق، ولم تطلب زوجتك منك طلاقها حتى يكون ذلك إكراهًا على الطلاق.

والتخلص من الألم يمكن أن يتم بأي وسيلة أخرى، هذا بالإضافة إلى أن المتوقع زيادة إيلامها لك بتطليقها، لا دفع الألم.

والطلاق في الحيض وإن كان طلاقًا بدعيًّا، إلا أن الراجح من أقوال الفقهاء أنه يقع، وهو قول الجمهور، وراجع الفتوى رقم: 8507.

وننبه إلى الاجتهاد في اتقاء الغضب قدر الإمكان، والعمل على معالجته عند طروئه، وفقًا لما جاء به الشرع الحكيم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني