الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على المرأة إذا سألها من يريد خطبتها عن ماضيها

السؤال

أنا شابة أتعلم في الجامعة، وقد أراد شاب الارتباط بي؛ ليتخذني زوجته مستقبلًا، لكنه سألني سؤالًا، ولم أرد أن أكذب عليه، ليس مجاهرة بالذنب، ولا استخفافًا به، إنما لأنني رأيته شابًّا صالحًا، ولم أرد أن أغشه، أو أن تبنى علاقتنا على خداع وكذب؛ فقد وعدته أن أكون صريحة معه، وبعد هذا السؤال أصبحنا متخبطين، لا نعرف ماذا نفعل، فهو ليس بقادر على الصفح، مع أنه يريد أن يصفح، فهو مع كل ما جرى لا يريد خسارتي، وأنا لا أعتقد أنني سأجد شابًّا مثله.
لقد قام بسؤالي عمّا إذا جرى بيني وبين أحد قبله أي اتصال جنسي، ولم أستطع النفي، وقلت له: إنه حصل، فأصّر على أن يعرف لأي مدى كان التواصل عميقًا، والحديث عن موقف حصل لي وأنا في المدرسة الثانوية، فقد كنت على علاقة بأستاذي المتزوج والأب لطفلة، وكان قد استغل تجربتي الأولى في الحب، وشفقتي عليه، وأوهمني أنه سيطلّق زوجته ويتزوجني بعد أن أنهي الثانوية، ولكن اتضح أن كل هذا لهدف دنيء، وأنا من شدة حبي له قد عمي قلبي وبصيرتي، واختلت مبادئي، ولم أستطع منعه، ولا أدعي أني الضحية، وأعرف أنني كنت في واعية، وكان من المفروض أن أكون أعقل، لكني لم أتوقع أن يجازف بمنصبه ومكانته من أجل هدف كهذا، وصدقته، وقد قبلنا بعضنا وتعانقنا، حتى إنني وضعت عضوه بفمي، ولا أريد أن أتحدث عن الموضوع أكثر، فقد علم والدي آنذاك، وانقلبت حياتي رأسًا على عقب، فأنا معروفة بأنني شابة محترمة، ذات خلق، همّها دراستها، ولكن حدث ما حدث، والجدير بالذكر أن علاقتي بوالديّ لم تكن أبدًا علاقة جيدة، كأنّنا غرباء نسكن نفس البيت فقط، وبعد هذه الحادثة ازدادت الأمور سوءًا، وكان هذا قبل أكثر من 5 سنوات، وإلى اليوم ما زال تأثير الحادثة يوجع قلبي، ويقلل من تقديري لذاتي، ويزيد شخصيتي ضعفًا، مع أنني تبت، وقررت عدم السماح لأي شاب أن يتعدى حدوده معي، ولكنه سألني ذاك السؤال، وتحطم كل شيء، وهو يقول: إنني كان يجب أن أستر على نفسي، وألا أخبره؛ لأن قلبه احترق، فهو رجل، ولا يستطيع أن يتقبل الفكرة، ويتخيل الأمر كثيرًا، ويضيق صدره، ويلومني لأنني كنت واعية وقتها، لكنني أخطأت، ولا أستطيع إصلاح الخطأ، فماذا أفعل؟ فأنا لا أريد خسارته، وأريده أن يرتاح وأرتاح، وأن نبني عائلة صالحة، أرجوكم دلوني على الحل -بارك الله بكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس من حق هذا الشاب أن يطلب منك إخباره بما مضى من ذنب قد ارتكبته، ولا يجوز لك إخباره، بل الواجب عليك مع التوبة من هذا الذنب أن تستري على نفسك.

وفي حالة إصراره على السؤال عن الماضي، فالتورية في الكلام هي المخرج، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 35747، والفتوى رقم: 244426.

وإن كان راغبًا في الزواج منك، فيكفيه أن يعتبر بحالك الآن، فإن تبت إلى ربك، واستقام أمرك على طاعة الله، فليقدم على الزواج منك، ويتناسى ما مضى، فمن ذا الذي ما ساء قط، فالعبرة بمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى، والتوبة تمحو ما كان قبلها، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.

وعلى كل؛ ففي نهاية المطاف: إن لم يرتض هذا الشاب الزواج منك، فدعيه، ولا تتبعيه نفسك، بل توجهي إلى ربك وسليه الزوج الصالح، فقد ييسر لك من هو خير منه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

ومن حق المرأة البحث عن الرجل الصالح ليتزوجها، وعرض نفسها عليه، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 18430. ويمكنك أن تستعيني في ذلك بالثقات من أقربائك أو صديقاتك.

وأخيرًا: ننصحك بالسعي في إصلاح ما بينك وبين والديك، والاستعانة في ذلك بالله عز وجل أولًا، ثم بمن يكون لقوله تأثير عليهما، هذا مع الحذر من أن يحصل منك ما يقتضي عقوقهما، فمن حق الوالدين أن يبرهما ولدهما، ويحسن إليهما، وإن أساءا، وراجعي الفتوى رقم: 299887.

نسأل الله تعالى أن يفرج الكرب، ويصلح الحال، ويرزقك الزوج الصالح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني