الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أكل عند شخص يعمل في شركة تأمين هل يلزمه رد المال إليه؟

السؤال

مَن قبل دعوة أو أكلًا أو شربًا من مال شخص يعمل في شركات التأمين، هل عليه أن يرد ثمن ما أخذ إلى هذا الأخير؟ وإذا كان يلزمه، فهل هذا ممكن دون علمه، كأن يفتح محفظته، ويضع المال دون إذنه؟ أرجو الرد بأسرع وقت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنجيب عن سؤلك من خلال النقاط التالية:

أولًا: لم تفصل في نوع التأمين المذكور، والتأمين منه ما هو مباح -كالتأمين التعاوني مثلًا-، ومنه ما هو محرم -كالتأمين التجاري مثلًا-، وانظر تفصيل القول في ذلك في الفتوى رقم: 7394، والفتوى رقم: 110921.

ثانيًا: على فرض كون التأمين المقصود من النوع المحرم، فليس على الآكل لدى من يعمل فيه، رد المال إليه، ولا سيما لو كان له مال مباح من غيره.

وقد قال بعض أهل العلم: إن الإثم إنما يتعلق بحائز هذا النوع من المال الحرام ومكتسبه فحسب، فعليه مغرم ذلك، وعلى من وصل إليه بطريق مباح المغنم، قال ابن رشد: ووجه هذا أن الحرام ترتب في ذمة البائع، والمهدي، فهما المأخوذان به، والمسؤولان عنه, ونحو هذا هو المروي عن ابن مسعود؛ إذ قال: لك المهنأ، وعلى غيرك المأثم. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين: وأما الخبيث لكسبه، فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك، وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرمًا على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود، مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب.

وذكر في القول المفيد على كتاب التوحيد: قال بعض العلماء: ما كان محرمًا لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب، لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرمًا لعينه -كالخمر، والمغصوب، ونحوهما-، وهذا القول وجيه قوي؛ بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا، ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو لها صدقة، ولنا منها هدية. اهـ.

ثالثًا: الورع والاحتياط تجنب معاملة ذلك الشخص، وعدم الأكل عنده، أو غير ذلك، إذا كان عمله في مجال التأمين المحرم، وليس له مال مباح غير ما يكسبه من التأمين؛ لقول كثير من أهل العلم بمنع معاملته فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني