الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من لزمه الدَّين بسبب تعديه على مال الغير

السؤال

امرأة رهن عندها شخص مالًا؛ كي يسكن في شقتها، مقابل مبلغ مالي شهري، وهذا الشخص يريد المال الذي كان قد أعطاه لها، وليس معها الآن المال كاملًا، فهل تعطى من الزكاة؟ وهل يصح أن يعطيها زوجها كذلك من زكاة ماله لهذا الغرض؟ علمًا أن والدها اشترى لها الشقة عن طريق البنك الربوي، وما زالت تؤدي أقساطها إلى الآن، ثم ألا تؤثر مسألة: "الرهن بدون ضوابطه الشرعية" على دفع الزكاة إليها من عدمه -نفع الله بعلمكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن رهن النقود، فيه خلاف وتفصيل للعلماء، ذكرناه في الفتوى رقم: 138672.

وقولك: إن المرأة ليس عندها النقود المرهونة كاملة الآن، هذا يعني أنها أنفقتها، أو تصرفت فيها، وهذا لا يجوز، وليس للشخص المرتهن أن ينفق المال المرهون.

وهناك فرق بين الرهن وبين السلف، فهي أخذت المال رهنًا وليس سلفًا، وهي الآن بتصرفها في الرهن تعتبر متعدية على مال الغير، وضامنةً يلزمها سداد ذلك المبلغ، جاء في الموسوعة الفقهية: فَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِلرَّهْنِ بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ، أَوْ تَفْرِيطِهِ فِي حِفْظِهِ .. اهـ.

ولا تعطى من الزكاة إلا إذا تابت، فقد نص الفقهاء على أن من لزمه الدَّين بسبب تعديه على مال الغير، حُكْمُهُ كمن غرم في معصية، فلا يعطى من الزكاة إلا إذا تاب، قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج، عند كلامه عن الغارم في المعصية: وَمِثْلُهُ مَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، فَلَا يُعْطَى، (قُلْتُ: الْأَصَحُّ يُعْطَى) مَعَ الْفَقْرِ (إذَا تَابَ) عَنْهَا. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ قَطَعَتْ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا، فَصَارَ النَّظَرُ إلَى حَالِ وُجُودِهَا. اهـ.

فإن تابت، وكانت عاجزةً عن السداد، ليس عندها ما تقضي به، فإنها تُعطى من الزكاة بوصفها غارمة، وقد قال تعالى في بيان مصارف الزكاة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... {التوبة:60}.

ويجوز لزوجها أن يعطيها زكاة ماله؛ لسداد دينها، قال النووي في المجموع: وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِ، وَالْغَارِمِ، بِلَا خِلَافٍ. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني