الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحق لوالد الفتاة إجبارها على الزواج من الفاسق

السؤال

أرجو أن تبينوا لي حكم زواج المسلمة من تارك الصلاة؛ حيث إن أبي يجبرني من الزواج من شاب لا يصلي. لقد خطبني منذ مدة، ووافقت ولم أكن أعلم بالأمر، وإلى الآن لا يوجد عقد؛ حيث إنه يقيم في بلد آخر. وبعد مدة من الزمن علمت أنه لا يصلي، وأنه يشرب الدخان، وأنه يتكلم مع البنات على النت دون مبالاة، ويفطر أحيانا في رمضان. فقررت تركه وفسخ الخطوبة ولم أعد أريده بعد الذي علمت عنه، ونصحه أحدنا فلم يستجب. فحدثت أبي أنني أريد فسخ الخطوبة فلم يستجب لي؛ لأن الشاب غني ومعه مال، ولكنني لا أريد المال فقط، أريد أن أتزوج شخصا ملتزما، ولا يهمني فقيرا كان أم غنيا. فقال لي أبي إنه ليس عندنا بنات تترك الخطبة، وبدأ بالصراخ علي. فماذا أفعل؟ أخاف إن أصررت أكثر أن يضربني والدي. فأعطيتهم مهلة حيث إن قدومه من ذلك البلد الذي يقيم فيه صعب، ولم يتيسر إلى الآن. فقلت لأبي وأمي: أمامكم سنة إن أتى قبلها تزوجته، وإن لم يأت سأترك الخطوبة، ولن أنتظر أكثر، ولكنني لا أريده أبدا. فانصحوني ماذا أفعل؟ إنني أخاف أن يأتي قبل هذه المدة، وخصوصا أن الكثير يقولون إن تارك الصلاة كافر، والعقد بينه وبين مسلمة فاسد، والبعض يجيزه. فهل أعتبر بهذا معذورة شرعا إن تزوجته؛ لأنني أخاف من أبي؟ أم ليس لي عذر
إنني أدعو الله دائما ألا يتم هذا الزواج، وأن يرزقني زوجا صالحا. ولكن ماذا لو أتى؟ ماذا سأفعل؟ وخصوصا أنه يريد أخذي لبلد آخر، فربما لا أستطيع تركه والعودة لبلد أهلي؛ لأنني سأكون وحيدة معه هناك. وهل علي إثم إن قبلت؟ وإن كان تارك الصلاة كافرا فهل يعتبر الإكراه على الزواج منه عذرا للقبول؟
فأرجو نصحي، والإجابة على أسئلتي. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتارك الصلاة إن كان تركه لها جحودا فهو كافر بالإجماع، فلا يجوز للمرأة المسلمة الزواج منه، ولا يصح هذا الزواج إن تم. وإن كان تركه لها تهاونا، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، والجمهور على أنه لا يكفر؛ خلافا للمشهور من مذهب الحنابلة؛ حيث ذهبوا إلى كفره وخروجه من الملة. وتراجع الفتوى رقم: 130853. وعلى قول الحنابلة بخروجه من الملة لا يجوز الزواج منه ولا يصح.

وعلى قول الجمهور - وهو قول قوي وله أدلته - فإن تارك الصلاة فاسق، والفاسق ليس كفؤا للمسلمة المستقيمة، وليس لوليك إلزامك بالزواج من هذا الشاب، ولا تجب عليك طاعته في ذلك؛ لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، وليس من المعروف أن يأمر الرجل ابنته بما فيه ضررها، وانظري الفتوى رقم: 76303. فاجتهدي في الدعاء أن ييسر لك الله تبارك وتعالى إقناع والدك، واشفعي إليه بمن ترجين أن يقبل قوله.

ولو قدر أن تم الزواج فهنالك خلاف بين الفقهاء في صحة زواج الفاسق من المستقيمة، وأكثر أهل العلم على القول بصحته؛ كما أوضحناه في الفتوى رقم: 125238.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني