الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مطالبة الزوجة الأولى بالعدل في القسم بعد أن أسقطت بعض حقها

السؤال

أنا زوجة ثانية، عندما تقدم زوجي لخطبتي أخبرنا أن سبب زواجه أن زوجته لا تريد العيش معه، وأنا أعيش مع زوجي ببلد عربي بسبب عمل زوجي، وهي تعيش ببلدها مع أولادها في بيت أهلها؛ بطلب منها ورغبة منها، مع أنه قبل أن يتزوجني كان يريد أن يحضر زوجته الأولى وأولاده إلى مكان عمله؛ كي يستقروا ويقيموا معه دائمًا، لكنها رفضت العيش معه، وأخبرته أنها تريد العيش عند أهلها، وأنها تريد تعليمًا أفضل لأبنائها، وهددها زوجي بأنه سوف يتزوج، لكنها لم تبالي، وبعد أن تزوجني وعلمت ضرتي بالخبر، تريد العدل بالسكن، حيث إن زوجي بسبب العمل يذهب كل سنتين إجازة إليها لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر تقريبًا، وباقي المدة عندي، وزوجي حاليًّا لا يعمل، ويقول: إنه يريد أن يعدل بيننا؛ لأنها طلبت ذلك، وإنه يخاف من الذنب، وأنا أرفض هذا الشيء، خاصة أنه ليس لديّ أبناء من سبع سنين، وأشعر بالوحدة، وقد تزوجته على أساس أن يذهب إجازة فقط، وإجازته تكون شهرين تقريبًا، وليس كما يريد الآن ستة شهور عندي، وستة شهور عندها، فهل لضرتي حق المطالبة بالعدل في المبيت، بعدما كانت ترفض العيش بجانب زوجها؟ فزوجي لم يكن في نيته الزواج إلا لهذا السبب: عدم عيش زوجته معه؛ لأنه مقتدر، ويستطيع إحضارها، وتعيش معه عيشة كريمة محترمة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت الزوجة الأولى رضيت أول الأمر بأن يقسم لها زوجها أقل من قسمه لك، فلها الرجوع في ذلك، ومطالبته بالعدل بينكما في القسم، قال المرداوي: يجوز للمرأة بذل قسمها، ونفقتها، وغيرهما؛ ليمسكها. ولها الرجوع؛ لأن حقها يتجدد شيئًا فشيئًا.

ومن حق الزوج ما لم تكن زوجته اشترطت عليه في العقد ألا يخرجها من بلدها، من حقه أن يطلب من زوجته القدوم للإقامة معه في البلد الذي يعمل فيه.

وإذا امتنعت من القدوم، سقط حقّها في القسم، لكن إذا أراد الزوج أن يقسم لها في بلدها، فيبقى عندها ستة أشهر، وعندك ستة أشهر، فهذا عدل لا حق لك في الاعتراض عليه، قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: فإن كان امرأتاه في بلدين، فعليه العدل بينهما؛ لأنه اختار المباعدة بينهما، فلا يسقط حقهما عنه بذلك. فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها، وإما أن يقدمها إليه، ويجمع بينهما في بلد واحد. فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان، سقط حقها؛ لنشوزها.

وإن أحب القسم بينهما في بلديهما، لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة، فيجعل المدة بحسب ما يمكن، كشهر وشهر، وأكثر أو أقل على حسب ما يمكنه، وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني