الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخص يريد خطبتها من غير قوميتها وتخاف إن قبلت به من مشاكل بين الأسر

السؤال

أنا طالبة علم شرعي، تخصص شريعة. وعندي صفحات، وأكتب مقالات في الفيسبوك.
حصل أن تابعني شاب من مدينتي منذ سنوات، هو من أهل المساجد والأخلاق -نحسبه كذلك والله حسيبه- كنت أظن أنها متابعة عادية، ولا أكترث، إلى أن تبين أنه يتابعني، ويسأل عني، ويعرف معلوماتي كلها، وعرف أهلي، وأنه متأثر بي ويريد خطبتي.
بدأ يراسلني، لا يتحدث بسوء أبدا، ويلزم الأدب، ولكنه يخشى أن أكون قد خطبت لغيره؛ لأنه يريدني بشدة، ولا يستطيع أن يتقدم؛ لأنه حالياً لا يملك عملا.
أرسل امرأة إلى كليتي، أخذت معلوماتي وسألت عني، وتنقل أخباري له، كلما راسلني، أمنعه وأذكره بالله، وأخبره أن يترك؛ فيستمع لكلامي ويقطع المراسلة، ثم بعد فترة يرسل خوفاً من أن أكون قد خطبت.
علمت الآن أنه يعاني كثيراً بسببي، ويريد الوصول إلي بالحلال بأي شكل، بذل من الأسباب الكثير، وصل إلى مشايخي، عرف عني كل شيء.
حياته في تعب وكد بسببي، وقد تأكدت من صدقه، ولكني أخاف أمرا واحداً: هو كردي الأصل، أبوه كردي، وأمه عربية، أخاف إن قبلت به أن تحصل مشاكل بين الأسر؛ فأقع في مشكلة في ديني، ولكن في نفس الوقت أشعر أني سبب فتنته، وأنه لم يعد يستطيع أن يخطب غيري، ومستعد أن يفعل أي شيء ليصل إلي، وأن حياته تعب بسببي، هذا الأمر يوقفني، وأقول أخشى أن أفتنه في دينه إن أنا رفضته.
فهل أوافق عليه، رغم أنه كردي من قومية أخرى، علماً أنه مستعرب ويجيد العربية أكثر من الكردية، ولكنها الأعراف القاتلة.
أخاف على ديني فقط، لا أهتم بالمال، ولا بأي شيء من متاع الدنيا.
فبماذا تنصحوني أرجوكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الشاب صاحب دين وخلق، فلا حرج عليك في القبول به زوجا، وكون أصله من جنسية معينة، لا يمنع شرعا من الزواج منه، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. وجاء رجل للحسن فقال: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.

وتزويج الفقير جائز، وقد وعد الله سبحانه بالغنى من تزوج يريد العفاف، وقد بينا ذلك في الفتويين: 167337، 265624. وينبغي أن ييسر أمر الزواج، فذلك من أسباب البركة فيه، ففي مسند أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها.
ولو قدر أن اعترض والداك على زواجك منه، فينبغي محاولة إقناعهما، وانتداب من يرجى أن يسمعا لقوله، هذا مع الإكثار من دعاء الله أن ييسر الأمر، ويوفق لإقناعهما. فإن اقتنعا، فالحمد لله. وإلا فلك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي؛ لينظر في أمرك.

وإن خشيت أن يؤدي إصراراك على الزواج منه أن يترتب عليه بسببه عواقب سيئة، وخاصة في أمر دينك، ورأيت ترك الموافقة على هذا الزواج برا بهما، فهذا أمر حسن، ولعل الله أن ييسر لك بسبب هذا البر من هو أفضل منه دينا وخلقا.

وإذا لم يتم الزواج، وترتب على ذلك أن لحق هذا الشاب أي نوع من الضرر، فلست مسؤولة عن ذلك، ولا مؤاخذة عليك فيه، فذلك من كسبه هو، ولست بآخر امرأة، فالنساء كثير. وعلاج العشق ميسور، بينه أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 9360.

واحرصي بعد ذلك على قطع كل علاقة لك به، ولا تتركي له سبيلا للتواصل معك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني