الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إسناد الموظف ما كُلف به من مشاريع لشخص يعمل في مؤسسته الخاصة

السؤال

لي صديق يعمل في شركة مقاولات، ويملك مكتبا للتصاميم الهندسية. وقد أسند لي أعمالا من مكتبه الخاص، وأثبت له كفاءة في الوقت، ومستوى العمل.
وعلى أساس ذلك أسند لي أعمالا من الشركة التي يعمل بها (حيث له الحق في عمل العقود، وإبرام الاتفاقات المالية) وعليه تم الاتفاق المالي.
وبعد فترة، علمت أن مديره المباشر قد أضاف نسبة على الاتفاق المادي المبرم بيننا، وتم استيفاء شروط التعاقد بيننا، وتم اعتماد اللوحات من استشاري المشروع، وحصلت على أموالي.
فهل يقع على ذنب في ذلك؟
والآن تمت ترقية صديقي، وتم إسناد أكثر من مشروع له، وهو يريد إسناد بعض منها لي مرة أخرى، وقام بإخباري بسعر لكي أتقدم به (عند مراجعته، قال إنه يفعل ذلك مع الأشخاص الآخرين أيضا، وأنه يفضل التعامل معي، نظرا لخبرتي السابقة بالمشروع، والمستوى الفني الذي تم تقديمه من قبل، وأنه يرغب في التعامل معي عن الآخرين لمصلحة العمل، حيث إن المسؤولين قبله عن هذه المشاريع، أسندوا الأعمال لأشخاص ضعاف فنيا، مما أدى إلى تعطيل العمل، وزيادة النفقات)
وتم الاتفاق بيني وبينه على أن يأخذ نسبة مني بصفة الشراكة في العمل، وأنا موافق على ذلك، مع العلم أن السعر المتفق عليه يساوي ثلثي السعر الذي تتعامل به الشركة مع الأشخاص الآخرين.
وأيضا يقوم صديقي بتعيين أشخاص في الشركة التي يعمل بها لإنجاز بعض الأعمال في تخصصه، بدلا من إعطائها لأشخاص خارج الشركة، وتوفير الأموال.
أما بالنسبة لي، فتخصصي مختلف عنه، ولا يستطيع متابعة ذلك بنفسه، ولا يوجد عنده من يقوم بحجم هذه الأعمال في شركته (وعند مراجعته، أخبرني أنه لن يضره إذا علم صاحب الشركة بهذا الاتفاق بيني وبينه، ولكنه لا يريد ذلك لشيء في نفسه تجاه زملائه من الناحية النفسية) مع العلم أني ملتزم بشروط التعاقد مع الشركة، وطريقة تسليم الأعمال، وصرف الدفعات، أي أنه لن يقدم لي تسهيلات، وكذلك جميع الدفعات سيتم تحويلها لي مباشرة، وبعد ذلك يأخذ النسبة المتفق عليها.
فهل في ذلك شيء بالنسبة لي وله؟
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك التعاون مع صديقك فيما ذكرت؛ إذ ليس له أن يعطي الأعمال لمؤسسته الخاصة، إلا إذا أعلم جهة عمله بذلك، وأذنت له فيه.

جاء في المجموع للنووي الشافعي: وإن وكل في بيع سلعة، لم يملك بيعها من نفسه من غير إذن؛ لأن العرف في البيع أن يوجب لغيره، فحمل الوكالة عليه، ولأن إذن الموكل يقتضي البيع ممن يستقصي في الثمن عليه، وفي البيع من نفسه لا يستقصي في الثمن، فلم يدخل في الإذن. انتهى.

وقد ذكرت أنه يطلعك على الأسعار التي ينبغي أن تقدمها كي تفوز بالصفقات المقدمة من قبل جهة عمله. وهذا غش لها، وخيانة للأمانة التي أوتمن عليها. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. (الأنفال:27).
وعليه؛ فلا يجوز فعله ذلك، ولا يجوز لك إعانته عليه، ولا عبرة بكونه يفعل ذلك مع الآخرين.

فالواجب في شأن المناقصات، أن تترك للمنافسة المعتمدة على الخبرة، والجودة، والسعر المناسب، وتستبعد عنها الوساطة، والرشا، والخيانة.

فأعلم صاحبك بهذا الأمر؛ ليكف عنه، وليعلم جهة عمله ما يسند إليك من أعمال، وما يجريه معك من عقود لجهة عمله. فإن رضيت بذلك وأذنت فيه، فلا حرج حينئذ، وإلا فلا يجوز لك العمل معه فيما هو محرم.

وقوله: إن هذا لا يضر جهة عمله، لا اعتبار له، ولا يبيح ذلك. وقد حرم الشارع التعاون مع الآثم والظالم؛ قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني