الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحنث من فعل الأمر الذي علق عليه الطلاق جاهلا أو متأولا؟

السؤال

جزاكم الله خيرا، والقائمين على هذا الموقع.
لدي استفسار ماهو الفرق بين المتأول والجاهل ؟
ومن علق الطلاق على فعل، وفٓعل ذلك جاهلا، أو يظن أن فعله ليس هو المحلوف عليه، أو المعلق عليه شرط الطلاق، أو كان الفعل داخلا في المحلوف عليه، ولكن صاحب الشرط أو اليمين لا يعلم أن فعله ذلك داخل في المحلوف عليه، وهو مبال بأن لا يقع في الشرط المعلق.
هل بفعله ذلك يحنث؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفرق بين الجاهل والمتأول، هو: أن الجاهل نقيض العالم، فالجهل هو عدم العلم بالشيء ممن شأنه العلم.

والمقصود بالمتأول -كما قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه البيان المأمول في علم الأصول-: الذي يفهم الأمر الشرعي على غير وجهه، وهو نوع من الجهل، كمن فهم من قول الله تبارك وتعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} (المائدة:93) ظن أن هـذه الآية تبيح له ولأمثاله أن يشرب الخمر... اهـ

والسؤال المتعلق بتعليق الطلاق، غير واضح ما إذا كان هذا الشخص قد علق الطلاق على فعل نفسه، أو على فعل غيره.

وما يمكننا ذكره هنا، هو أن فقهاء الشافعية قد ذهبوا إلى أن من فعل المعلق عليه في حال النسيان أو الجهل، أو الإكراه لم يقع طلاقه، وهذا في التعليق بفعل النفس، وكذا في التعليق بفعل الغير، لا يقع الطلاق في هذه الحالات، ولكن بشرط كون الغير مباليا بتعليقه، فإن لم يكن مباليا، فيقع الطلاق ولو مع الجهل والنسيان والإكراه.

قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: ومنها: متى حلف بطلاق أو غيره، على فعل نفسه، ففعله ناسيا للتعليق، أو ذاكرا له، مكرها على الفعل، أو مختارا جاهلا بالمعلق عليه لا بالحكم، خلافا لمن وهم فيه، لم يحنث؛ للخبر السابق: { إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه}، أي : لا يؤاخذهم بشيء من هذه الثلاثة، ما لم يدل دليل على خلافه كضمان المتلف، فالفعل مع ذلك كلا فعل، وكذا لا حنث إذا علق بفعل غيره المبالي بتعليقه، بأن لم يخالفه فيه لنحو صداقة، أو حياء أو مروءة. وقصد بذلك منعه، أو حثه، وعلم بالتعليق، ففعله ذلك الغير ناسيا، أو جاهلا أو مكرها، أما إذا لم يقصد منعه ولا حثه، أو كان ممن لا يبالي بتعليقه كالسلطان والحجيج, أو لم يعلم به، ففعله، فإنه يحنث به ولو مع النسيان وقسيمه; لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع أو حث. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني