الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من علق تحريم زوجته على تتبع أموره

السؤال

شككت في زوجي، فدخلت إلى إيميل الجامعة، وتتبعته إلى مكان ما، وعندما علم بالأمر ثار، وحلف بأنني إن فتحت إيميله أو تتبعته فأنا محرمة بهذه الصيغة، وتوالت السنوات تقريباً سبعة، وحدث خلاف مجددا لأني تجسست على نقاله ظناً مني أنه بالحلفان قصد إيميله وتتبعه فقط، وهو يقول بل أعني كل ما يخصني في حين أنه لم يذكر ذلك بلسانه عند الحلف، كما أنني ظننت أن التحريم له كفارة يمين فقط، وليس كالطلاق المعلق يقع بوقوع الشرط؛ لهذا فتحت هاتفه الجوال؟
والمسألة الثانية: كنت قد أخبرت أهلي بموعد عودتنا للبلاد، فثار زوجي، وأراد أن يعرف هل أخبرتهم؟ فخوفاً منه لأنه عصبي جداً عندما يثور بأن يوقع بي عقابا قاسيا أخبرت أهلي بأننا ألغينا الحجز، ولن نعود في هذا التاريخ، ولكننا لم نفعل حتى إذا طلب مني زوجي أن أحلف بأنهم ليس لديهم علم بعودتنا أكون صادقة، وبعد أن حلفت أنهم لايعلمون بالحجز، وموعد عودتنا غير معلوم لديهم، حلف زوجي بالطلاق إن كانوا يعلمون بالحجز أي بموعد عودتنا، فأنت طالق. ولكنه لم ينو الطلاق. علماً بأن زوجي عندما يغضب يتحول إلى شخص عنيف، وقاس جداً، يؤذيني بالكلام والضرب أحيانا؛ لذلك أخاف إغضابه؛ ولهذا أكذب أحيانا عليه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن تحمل المرأة أمر زوجها على السلامة، فلا يجوز لها أن تتهمه بشيء من غير بينة، وانظري كيف حملك سوء الظن إلى منكر آخر وهو التجسس، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا ... {الحجرات:12}، فالواجب عليك المبادرة للتوبة النصوح، وقد رأيت كيف يؤدي ذلك إلى أمور قد لا تحمد عقباها.

وبخصوص هذا التحريم المعلق على فتح البريد أو تتبعك له، فإن قصد بذلك كل ما يخصه فنيته معتبرة في ذلك. وبناء عليه تكونين قد حنثت بمخالفتك لأمره. وتحريم الزوج زوجته يرجع فيه إلى نية الزوج؛ إن قصد به ظهارا أو طلاقا، أو يمينا. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14259.

وننبه هنا إلى أن بعض الفقهاء قد ذهب إلى أن الزوجة إذا كانت ممن يبالي بتعليق زوجها، وأنها لو علمت لم تفعل ما منعها منه لم يحصل الحنث، ويمكنك مطالعة الفتوى رقم: 161005. وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.

وفي المسألة الثانية: إن حلف زوجك بطلاقك إن كان أهلك يعلمون بموعد عودتكم، والواقع أنه انتفى علمهم بهذا الموعد لادعائك لهم بإلغائه، فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أن الطلاق لا يقع لعدم تحقق المحلوف عليه.

والحلف بالكذب لا يجوز إلا لضرورة، وأما مجرد كذب المرأة على زوجها للحفاظ على العشرة، وبما لا ينتقصه حقا فجائز، والأولى بكل حال استخدام المعاريض ففيها مندوحة عن الكذب، وراجعي الفتوى رقم: 7432، والفتوى رقم: 29059.

وننبه إلى أن يحذر الزوجان العصبية، وأن يحرصا على حل المشاكل بالتفاهم، وأن يجتنب الزوج ألفاظ الطلاق قدر الإمكان. ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني