الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصلاة خلف الإمام الذي يكبر تكبيرات الانتقال عند الوصول للركن

السؤال

حكم الصلاة خلف إمام يكبر بعض التكبيرات أو أكثرها عند الوصول للركن، لا حين الانتقال على قول وجوبها؟ وهل اختلاف العلماء من الشبه، ويجب طاعة الوالدين فيه؟ فمثلًا إذا طلبا فعل شيء لست أجزم بحرمته؛ لأني لم أختر قولًا من أقوال العلماء، فهل أطيعهما؟ أرجو التفصيل -جزيتم خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فتصح الصلاة خلف الإمام الذي يكبر تكبيرات الانتقال عند الوصول للركن، ولا يكبرها عند الانتقال، ولو كان المأموم يرى وجوبها؛ لأن تكبيرات الانتقال:

أولًا: سنة في قول الجمهور, ويصح اقتداء المأموم بإمام مخالف له في المذهب، ولو ترك ما يراه المأموم واجبًا، كما فصلناه في الفتوى رقم: 130770، والفتوى رقم: 111275، والفتوى رقم: 93116.

وثانيًا: كثير من الحنابلة القائلين بوجوب تكبيرات الانتقال، ينصون على العفو عنها إذا وقعت في غير محلها؛ لأجل مشقة التحرز من ذلك، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَهُ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَهُ، فَوَقَعَ بَعْضُهُ خَارِجًا عَنْهُ، فَهُوَ كَتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهُ فِي مَحَلِّهِ ... وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يَعْسُرُ، وَالسَّهْوَ بِهِ يَكْثُرُ، فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ، أَوْ السُّجُودِ لَهُ، مَشَقَّةٌ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ، وَتَابَعَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْحَوَاشِي، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ ... اهــ.

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في الشرح الممتع: القول بأنه إن كمَّلَه بعد وصول الرُّكوع، أو بدأ به قبل الانحناء يُبطلُ الصَّلاةَ، فيه مشقَّةٌ على النَّاس؛ لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم، لوجدت كثيرًا مِن النَّاسِ لا يعملون بهذا، فمنهم من يكبِّرُ قبل أن يتحرَّك بالهوي، ومنهم مَن يَصِلُ إلى الرُّكوعِ قبل أن يُكمل ... إذن؛ نقول: كَبِّرْ مِن حين أن تهويَ، واحرصْ على أن ينتهي قبل أن تَصِلَ إلى الرُّكوع، ولكن لو وصلت إلى الرُّكوع قبل أن تنتهي، فلا حرجَ عليك، والقولُ بأن الصَّلاةَ تفسدُ بذلك حَرَج، ولا يمكن أن يُعملَ به إلا بمشقَّةٍ، فالصوابُ: أنه إذا ابتدأ التَّكبيرَ قبل الهوي إِلى الرُّكوعِ، وأتمَّه بعدَه فلا حرج، ولو ابتدأه حين الهوي، وأتمَّه بعد وصولِهِ إلى الرُّكوعِ، فلا حَرَجَ، لكن الأفضل أن يكون فيما بين الرُّكنين بحسب الإمكان .. اهــ.

وأما طاعة الوالدين في المشتبهات، فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 285715 أن أكثر العلماء يوجبون طاعة الوالدين في الأمور المشتبهات التي لا يعتقد الولد تحريمها، وما في تلك الفتوى يغني عن الإعادة هنا، فانظرها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني