الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاحتفال بيوم الميلاد لئلا يشعر الأولاد بالنقص عن غيرهم

السؤال

لي طفلان صغيران، أريدهم أن لا يشعروا باختلافهم عن أقرانهم من الأطفال، ولكن بما يرضي الله؛ لذلك لي استفسار. في يوم ميلادهم كل عام أصنع حلوى، ونأكلها، وأعيد عليهم بهدية، ولكن من دون أغان، أو احتفال، أو تبذير، وإنما مجرد حلوى، ومع تهنئتهم أنا ووالدهم، فهل هذا ذنب؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى عدم مشروعية "عيد الميلاد"، ولا شك أن تقديم الهدايا فيه، والحلوى، والتهنئة به يعتبر تعييدًا، ولو لم يصاحب ذلك الموسيقى، والغناء، ولا يبرر هذا رغبتك في عدم إشعارهم بما ذكرت.

والحرصُ على عدم مخالفة الشرع، وعلى البعدِ بالأولاد عما يخالفه، أولى من الحرص على عدم إشعارهم بالتمييز، وموافقة الناس فيما خالفوا فيه الشرع.

ومن المقاصد الشرعية لهذه الرسالة العظيمة التفريق بين الحق والباطل، كما قال المقداد بن الأسود -رضي الله عنه-: وَاللهِ، لَقَدْ بَعَثَ اللهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا فِيهِ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي فَتْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. اهـ.

ولا تنسي -أيتها الأخت السائلة- أنك في زمن غربة الدين، وفي أيام الصبر، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القَبْضِ عَلَى الجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ. قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنْكُمْ. رواه الترمذي، وغيره.

ولو أن المسلم كلما شعر بشيء من الغربة أو التمييز، وافق الناس وسايرهم فيما خالف الشرع؛ لذاب معهم، ولم يكن من الصابرين القابضين على دينهم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {آل عمران:200}.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني