الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرائض الوضوء المتفق عليها والمختلف فيها

السؤال

ما هي فرائض الوضوء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: فيقول الله سبحانه وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطّهروا).[المائدة : 6]. فهذه الآية قد ذكر الله فيها فروض الوضوء المتفق عليها عند أهل العلم وهي: غسل الوجه وغسل اليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين . وهناك فروض مختلف فيها ، فمن أهل العلم من عدها من السنن فمنها : النية - وهي فرض على القول الصحيح لقوله عليه الصلاة والسلام : "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه. ومنها التسمية: وذهب إلى كونها فرضاً الإمام أحمد والظاهرية ومن وافقهم مستدلين بالحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه" . والحديث مختلف في صحته ولو صح لكان قاطعاً للنزاع ، وذهب الجمهور إلى أن التسمية سنة ، واحتجوا على ذلك بما رواه أبو داود عن رفاعة ابن رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزوجل فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين " فقد أحال النبي صلى الله عليه وسلم - في الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلا به - على الآية ، ومن المعلوم أنها لم يرد فيها ذكر تسمية ، ولو كانت التسمية فرضاً ما تم الوضوء بدونها. ومن الفروض المختلف فيها أيضاً: المضمضة والاستنشاق وذهب إلى وجوبهما الإمام أحمد مستدلاً بحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه الذي رواه أبو داود وفيه :" وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً " والجمهور على السنية للحديث السابق وهو حديث رفاعة ابن رافع رضي الله عنه إذ لم يرد فيه ذكر للمضمضة ولا الاستنشاق . ومنها أيضاً الترتيب بين أعضاء الوضوء فلا يقدم عضو على عضو وممن قال بوجوب الترتيب الشافعي وأحمد مستدلين على ذلك بأن الترتيب هو ظاهر الآية وهو ظاهر حديث عثمان المتفق عليه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله ما تقدم من ذنبه" . وممن قال بعدم وجوب الترتيب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله مستدلين بحديث المقدام ابن معدي كرب رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ". رواه أبو داود وأحمد وزاد وغسل رجليه ثلاثاً . ففي الحديث تأخير المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه واليدين ، والحديث سنده صالح كما قال الشوكاني في نيل الأوطار. وفيه تصريح بعدم الترتيب ويجاب لهما بأن ما استدلّ به الحنابلة والشافعية على وجوب الترتيب غير متجه ، فإن الفروض في الآية عطفت بالواو، وقد نص أهل اللغة على أنها لا تقتضي الترتيب ، ولو أريد الترتيب لكان العطف بالفاء أو بثم ، وأما حديث النعمان فغاية ما فيه الإرشاد إلى أن هذه الهيئة هي أكمل هيئات الوضوء وليس فيه ما يدل على وجوب الترتيب وهو محل النزاع . ومنها الموالاة : وذهب إلى وجوبها أحمد ومالك ومن وافقهما ، ودليلهم في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود عن خالد بن معدان رحمه الله عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يصلي في ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله أن يعيد الوضوء ، وفي رواية: يعيد الوضوء والصلاة ، والحديث قال عنه أحمد أن سنده جيد حينما سأله الأثرم عنه كما في المنتقى . قد وقال بسنية الموالاة الشافعي وأبو حنيفة ومن وافقهما. والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني