الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ترك العمل الأقل راتبا إلى الأكثر راتبا من جحود النعمة؟

السؤال

أنا أعمل في أحد البنوك، ولدي فرصة للالتحاق بعمل آخر بمرتب أعلى، علما بأن مرتبي في مصر بلدي يعتبر ملائما لحد ما، ولدى زوجة صالحة وأطفال صغار، هل لو التحقت بهذا العمل الجيد يعتبر حراما؟ أو فيه نوع من الجحود بالنعمة التي لدي؟ لأني -الحمد لله- لا ينقصني شيء.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا السؤال إنما يتوجه إذا كان كلا العملين مباحا! أما إذا كان أحدهما كذلك، والآخر حراما، فلا مجال للسؤال والتردد بينهما.

وعلى ذلك، فإن كان البنك الذي تعمل به بنكا ربويا، والعمل الآخر مباحا، فلا تتردد في الالتحاق به وترك البنك الربوي. وأما إذا كان بنكا إسلاميا يراعي الضوابط الشرعية في معاملاته، وكذلك كان العمل الآخر مباحا، فلا حرج عليك في البقاء أو الانتقال، وإن انتقلت فليس في ذلك جحود للنعمة، ما دمت تقر بفضل الله عليك فيها، وتؤدي شكرها، وإنما يعتبر ذلك استجلابا واستزادة من نعم الله تعالى وفضله عليك، وليس في ذلك حرج، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أيوب يغتسل عريانا فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن بركتك. قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فيه جواز الحرص على المال الحلال، وفضل الغنى؛ لأنه سماه بركة. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وفي رواية: "ومن يشبع من رحمتك. أو قال: من فضلك" وفي الحديث جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر عليه. وفيه تسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة، وفيه فضل الغني الشاكر. اهـ.
وقال ابن العراقي في طرح التثريب: فيه أنه لا يحكم على الإنسان بالشره وحب الدنيا بمجرد أخذه لها وإقباله عليها، بل ذلك يختلف باختلاف المقاصد، وإنما الأعمال بالنيات فمحال أن يكون أيوب - عليه الصلاة والسلام - أخذ هذا المال حبا للدنيا، وإنما أخذه كما أخبر هو عن نفسه لأنه بركة من ربه ... وبتقدير أن يكون أحبه لمجرد كونه مالا حلالا فإنما ذلك لما ينشأ عنه من صرفه في الطاعات والاستعانة به على القربات والتقرب به إلى الله تعالى في كل الحالات. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 32933، 102984، 67992.

وهذا كله من حيث الراتب، ويبقى النظر في الأفضل من النواحي الأخرى، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني