الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنشأت أنا وشخص شركة لتصنيع الأثاث المنزلي حسب الطلب، يعني أننا نقوم بإعداد نماذج من الأعمال التي نصنعها، ونضعها في المحل لغرض العرض؛ ليراها الناس. مثال: يرى الناس ما عرضناه، ويقومون بإحضار القياسات، ونقوم باحتساب التكلفة، ونأخذ منهم نصف القيمة لتحضير الغرض المطلوب، والنصف الباقي عند الانتهاء منه، علما أن مدة الإنجاز لا تتعدى ٤٠ يوما. وهكذا يجري العمل.
ليست لدينا مواد أولية تدخل في الصناعة مخزنة لدينا، بل نقوم بشرائها عندما نأخذ المال من الحرفاء.
أود معرفة هل علي زكاة في هذا الشكل من العمل، لو لم يبلغ مدخري من هذا العمل النصاب بعد مرور الحول؟
ما هي الطريق الصحيحة إن كان في هذا الشكل زكاة؛ لأن شريكي أخبرني أنه يجب علي أن أحتسب جميع ما نربح خلال الحول، وإن لم يكن متجمعا مع بعضه، أي مدخرا؛ لأنه في كل ٣٠ أو ٤٠ يوما يكون هناك مبلغ متأت من العمل الذي أتممناه؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا العقد الذي يتم بين الشركة وبين مشتري الأثاث، يسمى عقد استصناع، وقد اختلف أهل العلم في حكمه، والراجح عندنا جوازه، ولزومه بشروط وضوابط مبينة في الفتوى رقم: 11224.
أمّا بخصوص زكاة الثمن الذي تقبضه بعقد الاستصناع، فقد اختلف أهل العلم المعاصرون في وجوب الزكاة فيه.

جاء في كتاب نوازل الزكاة لمؤلفه عبد الله بن منصور الغفيلي: حكم زكاة المال في الاستصناع، في حق الصانع والمستصنع، حيث اختلف المعاصرون في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: عدم وجوب الزكاة على المستصنع والصانع في مال الاستصناع.

القول الثاني: وجوب الزكاة على المستصنع في ثمن المصنوع، حتى يستلم المصنوع، ووجوبها على الصانع في المصنوع حتى يقبضه المستصنع.
القول الثالث: وجوب الزكاة على الصانع فيما يقبضه من ثمن المصنوع، مع عدم وجوب الزكاة على المستصنع في ذلك الثمن. اهـ.
والراجح عندنا هو القول الثالث، وهو الذي اختاره الدكتور وهبة الزحيلي في كتاب: الفقه الإسلامي وأدلته.

حيث جاء فيه: زكاة الثمن في السَّلَم على البائع (المسلم إليه) ويعتبر الحول من تاريخ قبضه الثمن، وأما المبيع (المسلم فيه) فزكاته قبل قبضه زكاة الديون، وبعد القبض يزكى زكاة عروض تجارة إذا كان للتجارة.
ثامناً: زكاة الاستصناع: يجري في زكاة الاستصناع ما يجري في زكاة السلم. اهـ.
وعليه، فالذي نراه أنّك إذا قبضت من الأموال ما يبلغ نصاباً، وجبت عليك زكاته عند حولان الحول، ولا يجب عليك زكاة الأموال التي استهلكتها أثناء الحول؛ لفقد شرط من شروط وجوب الزكاة، وهو مرور الحول على المال البالغ نصابا، كما لا زكاة في التي قبضتها ولم يحل عليها الحول، خلافاً لبعض أهل العلم القائلين بالوجوب.

والذي ننصح به إخراج الزكاة عن الجميع عند حول النصاب، رفقاً بنفسك ونفعاً للفقراء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 136553.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني