الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أثر للون رطوبة الفرج في نقض الوضوء

السؤال

بارك الله فيكم.
هل رطوبات الفرج إذا كان لونها أصفر تكون نجسة وناقضة للوضوء بالإجماع -لوجود خلاف في كونها ناقضة للوضوء-؟ فهل إذا كان لونها أصفر تنقض الوضوء بلا خلاف -أي حتى عند من يقول بأنها لا تنقض الوضوء؟ وماذا لو كانت المرأة أصلا تعاني من سلس صفرة بدون سلس رطوبات الفرج، ولكن رطوبات الفرج تخرج ولونها أصفر. فما الحكم في هذه الحال؟
أفيدونا بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن القول بعدم نقض الوضوء برطوبة فرج المرأة قولٌ مخالفٌ لما عليه عامة أهل العلم سلفا وخلفا، ولم يقل به إلا ابن حزم فيما وقفنا عليه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: بعد البحث التام لم أجد أحداً من العلماء قال: إنها لا تنقض الوضوء إلا ابن حزم، ولم يذكر له سابقاً حتى نقول: إن سلف الأمة يرون أن هذا لا ينقض الوضوء ... فإن وجدتم سلفاً من صدر هذه الأمة يرى أنه لا نقض بخروج هذا السائل فقوله أقرب إلى الصواب، وأما إذا لم تجدوا فليس لنا أن نخرج عن إجماع الأمة ... اهـ.

وإذا كان الأمر كذلك، ولم يوجد سلف من صدر هذه الأمة يقول بعدم النقض، فإننا نخشى أن يكون القول بعدم النقض مخالفا للإجماع، ومما لا يسوغ الأخذ به، فلا يُتهاون في هذا، وتُجعل هذه المسألة كسائر مسائل الخلاف التي اختلف فيها السلف، ويكون فيها سعة. وانظري الفتوى رقم: 233626.
ورطوبة الفرج ناقضةٌ للوضوء بغض النظر عن لونها ما دام أنها رطوبة فرجٍ، والقائلون بنقض الوضوء بها لم يفرقوا بين الأصفر والأبيض، بل لم يذكر الفقهاء في لون رطوبة الفرج أنها صفراء، وإنما ذكروا أنها بيضاء، قال النووي في المجموع: رُطُوبَةُ الْفَرْجِ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ فَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِيهَا .. اهـ ، وفي حاشية الشربيني الشافعي على الغرر البهية : هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِمَّا بَيْنَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَآخِرُ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ .. اهــ
والذي نص الفقهاء على أنه أصفر هو مني المرأة، وكذلك المذي قال في نهاية المحتاج: (وَمَذْيٌ) بِالْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِهَا ... وَهُوَ مَاءٌ أَصْفَرُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِلَا شَهْوَةٍ عِنْدَ فَوَرَانِهَا، وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضَ ثَخِينًا، وَفِي الصَّيْفِ أَصْفَرَ رَقِيقًا، وَرُبَّمَا لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ، وَهُوَ أَغْلَبُ فِي النِّسَاءِ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ خُصُوصًا عِنْدَ هَيَجَانِهِنَّ ... اهــ .
فينبغي للأخت السائلة أن تحرص على التفريق بين الرطوبة وبين المذي، فربما يكون الأصفر الذي ظنته رطوبة فرج مذيا وليس رطوبةً، والمذي نجس بالاتفاق إلا قولا شاذا بخلاف الرطوبة، فالخلاف في نجاستها مشهور، قال الشوكاني: واتفق العلماء على أن المذي نجس، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الإمامية. اهــ .
وأما قولك: (ماذا لو كانت تعاني من سلس صفرة). فإن كانت الصفرة مذيا فقد ذكرنا حكم سلس المذي في الفتوى رقم: 234418، وإن كانت الصفرة منيا فقد ذكرنا حكم سلس المني في الفتوى رقم: 138158. وما فيهما يغني عن الإعادة هنا.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني