الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطالبة المطلقة بمؤخر الصداق بعد إخبارها طليقها بتنازلها عنه

السؤال

مؤخر الصداق: طلقت زوجتي في سنة 2015، واتفقنا على قيمة مؤخر الصداق 19,200 دينار، وهو ما يعادل قيمة 50 ليرة ذهبية آنذاك.
تم تحديد موعد عند المحامي، لكي تستلم المبلغ. وحضرنا جميعا عند المحامي، وجلبت المبلغ معي، لكن رفضت استلام المبلغ، وقالت إنها لا تريده، وغادرت، ثم اتصلت بي في نفس اليوم، وأكدت لي أنها متنازلة عن حقوقها، ولا تريد المبلغ، فقلت لها: إن لم تستلمي المبلغ، فسوف أودعه لدى المحكمة. فقالت لي: لا تفعل، وأبقيه عندك إلى أن أطلبه منك.
قامت بالاتصال بي في منتصف سنة 2017، لتطلب مني مؤخر الصداق على سعر الليرة الذهبية الحالي، وكانت القيمة صادمة 118,300 دينار، فرفضت، واستندت على أنها تنازلت عن حقها، برغم أننا لم نوثق التنازل.
قرأت في بعض المواقع الإلكترونية الإسلامية الخاصة بالفتوى، أن الزوجة إذا تنازلت عن حقوقها وهي غير مكرهة على ذلك، فإنه لا يجوز لها المطالبة بحقها.
فما رأي الشرع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسائل التي فيها خصومة ومنازعات، لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي؛ فهو صاحب الاختصاص.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المسائل التي فيها خصومة، من الحكمة ألا يُفْتِي فيها أحد؛ لأنه قد يُفْتِي بحسب ما سمعه من الخصم، ويكون عند خصمه ما يدفع به الحجة.

ولأنه إذا أفتى، فربما يأخذ الخصم هذه الفتيا من أجل أن يحتج بها على القاضي إذا جلسوا بين يديه، مع أن المفتي لم يعلم عن دفع هذه الحجة، فأنا أشير على إخواني طلبة العلم، بأنه إذا استفتاهم أحد في مسائل فيها خصومة أن يقولوا: هذه أمرها إلى القضاة، لئلا يوقعوا الناس في شر وبلاء. اهـ.
ومن حيث العموم، نقول: إنّ العلماء اختلفوا في الإبراء هل يفتقر إلى قبول أم لا؟

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اختلف الفقهاء في أن الإبراء يتوقف على القبول أو لا، على اتجاهين: أحدهما: عدم حاجة الإبراء إلى القبول، وهو مذهب الجمهور (الحنفية والشافعية في الأصح، والحنابلة) ....
الاتجاه الآخر: حاجة الإبراء إلى القبول، وهو القول الراجح في مذهب المالكية، والقول الآخر للشافعية. اهـ.
فعلى القول بافتقار الإبراء إلى قبول، فإن إبراء المرأة لك لم يتم؛ لأنّك لم تقبله، وأمّا على القول الآخر، فقد تم الإبراء، ولا حقّ للزوجة في الرجوع فيه.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : " ....للاتفاق على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله؛ لأنه إسقاط، والساقط لا يعود. اهـ.
وإذا ثبت للزوجة مؤخر الصداق، فحقها في مثله، وليس في قيمته في وقت تحمله، ولا عبرة بتغير قيمة العملة، على القول الراجح من أقوال العلماء، كما سبق بيان ذلك في الفتويين: 27496، 129700.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني