الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة التخبيب وبطلان زواج المعتدة قبل انتهاء عدتها

السؤال

خطبت مطلقة منذ 7 سنوات، وتمت الخطبة. واستمرت لمدة سنتين، وبعد ذلك تركتها لمدة سنتين. ولشدة حبي لها شاءت الظروف أن ألتقي بها، وأصبحت أراقبها.
وعند أول لقاء، قالت لي إنها متزوجة، ولكن تصرفاتها كانت عكس ذلك؛ فصارحتها أني متأكد أنها ليست متزوجة، ولَم تعلق على ذلك. واستمررت بملاحقتها، ظنا مني أنها ليست متزوجة لمدة سنة ونصف بدون أن ألمسها، أو أؤيدها. وبعد ذلك التقينا، واعترفت لي أنها متزوجة بدون خلوة، وتنتظر أن تسافر لزوجها، ولكنها غير قادرة على تحمل تصرفاته. واتفقنا أن تطلب الطلاق، وألا تستمر معه. وقلت إني أريد مساعدتها حتى لو اضطررت لأن أؤجر لها منزلا على نفقتي، وأصرف عليها وعلى ابنتها.
وبعد ذلك اتفقنا على أن نتزوج، وبالفعل طُلقت، وبعد 10 أيام تزوجنا عند شيخ وشهود، وتم الاتصال بولي أمرها؛ ووافق.
والآن تريد أن ترجع لطليقها، وأعيش معها حياة جحيم، وأنا أعرف أنها لو عادت لطليقها، ستعود بدون إخباره بأنها تزوجت مني، وسوف تعيش حياة سيئة جدا، مع العلم أنها ستسافر إلى بلاد غير المسلمين.
أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي سؤالك بعض العبارات غير الواضحة، ومن هنا نرى أن الأولى أن تشافه بسؤالك أحد العلماء عندكم؛ لتبين له حقيقة ما حصل، فيفتيك وفقا لذلك.

وعلى وجه العموم فقولك: ( واعترفت لي أنها متزوجة بدون خلوة... الخ) إن كان المقصود به أنها لم يدخل بها زوجها، ولم يخل بها خلوة صحيحة؛ فإنها إذا طلقت لم تلزمها عدة، ويجوز لها الزواج من غيره، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49}.

وأما إن دخل بها، أو خلا بها خلوة صحيحة، فتلزمها العدة، والزواج منها في عدتها باطل، باتفاق العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 8018، وضمناها أيضا ما يترتب عليه من أحكام. وانظر أيضا للفائدة الفتوى رقم: 267487، والفتوى رقم: 43479.

وقولك: ( وتم الاتصال بولي أمرها، ووافق). إن كنت تعني به أنه قد تم الزواج بإذن وليها عند العقد عليها، فالزواج صحيح، وإن كنت تعني أنه قد تم الزواج بغير إذنه، والتمستم بعد ذلك موافقته، فوافق؛ فهذا الزواج فاسد، تكون الفرقة فيه بالفسخ أو الطلاق، ولمعرفة ما يترتب عليه من أحكام، انظر الفتوى رقم:22652.

وقولك: ( والآن تريد أن ترجع لطليقها بدون إخباره بأنها تزوجت مني) نقول تعليقا عليه: إنها لا يجوز لها الرجوع لزوجها الأول إلا بعد خلوها من الموانع ككونها تحت زوج، أو في عدة ونحو ذلك، فإن زالت الموانع، جاز لها الرجوع إليه، ولكن يلزم أن يكون ذلك بعقد جديد.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أنه لا يجوز تحريض المرأة على الطلاق من زوجها، ففي هذا تخبيب لها عليه ونوع من الإفساد، ولذلك جاءت السنة النبوية بالتحذير منه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خبّبها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 118100.

الأمر الثاني: حرمة وخطورة العلاقات العاطفية بين الأجنبيين، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30003.

والواجب الاحتياط فيما يتعلق بأمر الفروج، والسؤال عما يحتاج إلى معرفته من الأحكام الشرعية المتعلقة به، قبل الإقدام على الفعل.

ونؤكد في الختام على أهمية ما أرشدناك إليه أولا، وهو مشافهة أحد العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني